لا أكتمكم أني ساعة بدأ أبي حواره عن الموت كنت متوترا، مستفز الأعصاب، مستنفرا، قلقا، مشددا شدا عنيفا إلى وجه أبي ونبرات صوته وانحناءاتها وهو يتحدث عن الموت ببط حذر، ينم عن توجس محسوب.
لا أكتمكم كذلك أني كلما تفوه أبي بكلمة (الموت) - تلك الكلمة المخيفة المرعبة المجهولة - أحسست بتسارع غير طبيعي لنبض بات لفرط خوفي مما أصغي إليه يصبغ وجهي وأذني على غير قصد مني بلون قاتم وينثر فوق جبهتي وأنفي حبات مكتنزة من عرق محموم.
وإذ اكتسبت نبرة صوت أبي الخفيضة وشاحا رماديا من توجس حذر وهو يسرد التفاصيل عن (الموت والميت) راحت وتائر خوفي وقلقي تتصاعد شيئا فشيئا حتى فضحتني.
ثم زادت، فضيقت علي بعد افتضاح أمري فرجة بوابة الاعتراف.
وحين لاحظ أبي أمارات الخوف على تضاريس وجهي وحدقات عيني طاغية مستحكمة سألني..