للزوجين معا أن يد أبا لاصلاح الأمور بينهما بتحمل المصاعب وتخفيف المتاعب، وأن ينظرا إلى مستقبل الأسرة ومستقبل الأطفال، فيتحمل الرجل مصاعب زوجته ما وجد إلى ذلك سبيلا، ويلين لها ما تنكره من خشونة طبع أو سرعة غضب، أو غير ذلك مما تنكره من صفاته، ليسعد بذلك بيته، ويحسن مستقبله ومستقبل أطفاله وتتحمل المرأة ما تجده من صفات الرجل منافرا لها أو غير ملائم، ويسعيا لاصلاح الأمور جهدهما، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
فإذا أعيى الرجل أمر المرأة ولم تجد محاولاته نفعا طلقها من غير بذل طلاقا رجعيا، وإذا أعيى المرأة أمر الرجل ولم يثمر تحملها شيئا، صالحته باسقاط بعض ديونها أو حقوقها عنه، لا بعنوان الفدية، وطلقها من غير بذل، والله هو الحسيب الرقيب.
[المسألة 176:] المباراة قسم من أقسام الطلاق كما قلنا في أول هذا الفصل، ولذلك فيشترط في صحته كل أمر اشترطناه في صحة الطلاق، وقد ذكرناها جميعا في الفصل الأول والثاني من كتاب الطلاق، وأشرنا إليها في هذا الفصل أيضا، والمباراة قسم يتحد مع الخلع في أكثر الأحكام والقيود والشروط التي تعتبر فيه، ولذلك اغنانا ذكر هذه الأمور في الخلع عن إعادة ذكرها في المباراة، فيكون المهم هنا ذكر ما تختلف به المباراة عن الخلع من الأمور وما تنفرد به من الآثار.
[المسألة 177:] مورد طلاق المباراة هو أن يكره كل واحد من الزوجين صاحبه، ولا يعتبر فيه أن تصل الكراهة من الزوج أو من الزوجة إلى حد يخاف معه الوقوع في محرم، بل يكفي أن لا يسعدا في البقاء، وأن يتمنى أحدهما فراق الآخر، فإذا تكارها كذلك وبذلت المرأة للرجل فدية ليطلقها، صح له طلاقها على ما بذلت وكان طلاقها مباراة.
[المسألة 178:] لا يجوز في المباراة أن تكون الفدية المبذولة من المرأة أكثر من مهرها المسمى لها، فلا يحل للرجل أخذ ما زاد عليه. ويصح أن تكون مساوية