في البقاء، حثهما أن يكون الدين والايمان الحي والخلق الرضي أول ما يفكر الزوج أن يكون موجودا في زوجته، وأول ما تطلبه الزوجة أن يكون مضمونا في زوجها، وأن يكون الجمال والمال والملذات الأخرى هي آخر ما يبتغيان وجوده أو يفكران فيه، فالدين والايمان والخلق الزكي هي الأمور الثابتة التي لا تتحول، وإذا تحولت فإلى ما هو أكثر رقيا وأكثر سعادة، والمال والجمال وشبههما هي الأمور التي تحول وتتغير، وإذا تغيرت فإلى ما هو أكثر تحولا وأشد تغيرا.
والدين والايمان والخلق الرضي حين ما تكون هي الركيزة التي توحد الزوجين وتغمر حياتهما تجعل من العسير أو من المستحيل أن تفكر المرأة أو الرجل في نشوز أو شقاق أو تنكر أو فراق، وكل ما يكون في هذا المجال من ذلك فإنما يكون من أضداد تلك الأمور، من عدم الدين، أو الدين غير الثابت، ومن عدم الايمان أو الايمان غير الواعي، ومن عدم الخلق أو الخلق غير الزكي، فتتجاوز المرأة حدودها لبعض الانفعالات الطارئة من غضب وشبهه، أو لدالة منها على الرجل بمال أو بجمال أو لحب غير معتدل من الزوج، وهو على الأكثر يكون لجهل بالحدود الشرعية وضعف في الخلق الزكي، فتمنع الزوج بعض حقوقه الواجبة عليها وتصر على ذلك فيكون النشوز منها ثم يكون الشقاق.
ويتعالى الرجل برجولته أو بشئ مما خوله الله وأنعم به عليه فيتعدى حدوده مع زوجته الضعيفة، ويغمط حقوقها الواجبة عليه، ويصر على ذلك فيكون النشوز منه ثم يكون الشقاق، وهو في الأكثر أيضا ينشأ من جهل الرجل بحدوده وجهله بحقوق المرأة وجهله بأحكام الله التي وضعها لتعيين هذه الحدود والحقوق أو لضعف ايمانه بالله الذي شرع هذه الأحكام، ولولا الجهل وضعف الايمان وضعف الخلق ما احتاج الرجل المسلم ولا المرأة المسلمة إلى جعل أحكام للنشوز ولا لنصب حكام للشقاق بين الزوجين.
[المسألة 375:] يحسن بالرجل المؤمن حين يتزوج بالمرأة المؤمنة ويختارها شريكة له في الحياة لأنها مؤمنة، كما أرشده إلى ذلك دين الله العظيم، ففي الحديث