وأما من ناحية الدافع، فالتسليم أو الاقباض يعني دفع الشئ إلى صاحبه، من غير فرق كذلك بين المنقول من الأشياء وغير المنقول، ودفع الشئ إلى صاحبه قد يحصل في بعض الأشياء بتسليمه إليه باليد كما في الثوب والحيوان والكتاب والدينار والسيارة ونحو ذلك، وقد يتحقق بتسليط صاحب الشئ عليه تسليطا خارجيا، بأن يرفع الدافع يده عن الشئ ويأذن للقابض في التصرف فيه كيف يريد، ويرفع عنه المنافيات الأخرى حتى يصبح في نظر العقلاء مستوليا على الشئ استيلاءا كاملا ومتسلطا على التصرف فيه، وهذا في الأشياء غير المنقولة كالدار والبستان والحانوت وأمثالها، وهذا هو المقدار المعتبر من التخلية في تحقق معنى الاقباض والتسليم، ولا يكفي من التخلية ما يكون أقل من ذلك. ومن هذا التفصيل قد اتضح المراد من التسليم الواجب على المتبائعين في المنقول من الأشياء وغير المنقول منها.
[المسألة 286:] إذا تم عقد البيع بين البائع والمشتري ملك كل منهما المال الذي انتقل إليه بالبيع، فيصبح المال المبيع ملكا للمشتري ويملك جميع نمائه ونتاجه الذي يتجدد بعد البيع، سواء قبض الأصل من البائع أم لم يقبضه، بل وإن تلف الأصل قبل أن يقبضه من البائع.
وكذلك الحكم في الثمن فيصبح بعد أن يتم البيع ملكا للبائع، ويملك جميع نتاجه ونمائه، فإذا كان الثمن شخصيا معينا وتجدد له بعد البيع نماء أو نتاج فهو ملك للبائع سواء قبض أصل الثمن من المشتري أم لم يقبضه، وسواء تلف أصل الثمن بعد النمو والنتاج أم لم يتلف، بل وإن تلف الأصل قبل قبضه من المشتري، وإذا كان الثمن كليا في الذمة فلا يتعين الفرد الخارجي للمشتري إلا بعد التعيين، فإذا تعين وقبضه المشتري ملك ما يتجدد بعد ذلك من نمائه ونتاجه.
[المسألة 287:] إذا تلف المال المبيع قبل أن يقبضه المشتري من البائع انفسخ عقد البيع ورجع كل من المالين إلى ملك مالكه الأول، فيرجع المبيع إلى ملك