دار بين اثنين ادعى أحدهما على شريكه فيها، فقال: هذا النصف الذي في يديك اشتريته من زيد بألف بعد أن ملكت حقي فيها وأنا أستحقه عليك بالشفعة، فقال زيد البائع: صدق الشفيع، وقال المشتري: ما ملكته بالشراء، بل ملكته ميراثا فلا شفعة لك فيه، فأقام الشفيع البينة أن زيدا ملك هذا النصف من أبيه ميراثا ولم يشهد بأكثر من ذلك.
قال محمد بن الحسن: ثبت للشفيع الشفعة، ويقال للمشتري: إما أن تدفع الشقص إليه ويدفع الثمن إليك أو ترده على البائع ليأخذه الشفيع من البائع ويأخذ الثمن يدفعه إليك، قال: لأن الشاهدين شهدا له بأنه ملك الشقص ميراثا واعترف زيد أن المشتري قد ملكه منه بالشراء فكأنما شهدا لزيد بالملك وعليه بالبيع.
وقال ابن شريح: هذا غلط لا شفعة للشفيع، لأن البينة شهدت لزيد بالملك عن أبيه ميراثا وما شهدت عليه بالبيع، وإنما اعترف هو بالبيع، فليس بينه وبين المشتري منازعة، وإنما المنازعة بين الشفيع وبين المشتري، فالشفيع يقول:
اشتريت الشقص من زيد بألف -، وهو يقول: بل ورثته من أبي، فلا يقبل قول زيد عليه من استحقاق ملكه عليه بالشفعة، لأن الشفعة ليست من حقوق العقد، فلا يتعلق به الشفعة بقول البائع، كما لو حلف رجل " لا اشتريت هذا الدار من زيد " فقال زيد: قد بعتكها منك أيها الحالف، فأنكر الحالف لم يحنث بقول البائع، ولا يطلق زوجته إن كانت يمينه بإطلاق لأن الطلاق ليس من حقوق العقد، ولا يقبل قول البائع على المشتري في ذلك فيطلق زوجته، كذلك لا يقبل قوله هاهنا فيؤخذ منه الشقص بالشفعة، فإن شهد البائع للشفيع بالشراء لم تقبل شهادته، لأنها شهادة على فعل نفسه، وقول ابن شريح أقوى.
إذا وجبت له الشفعة نظرت: فإن كان قد شاهد المبيع كان له الأخذ، فإذا أخذ صح، كما لو اشترى ما شاهده، فإن لم يكن شاهد المبيع، لم يصح الأخذ بالشفعة لأن الشفيع مع المشتري بمنزلة المشتري من المشتري، ألا ترى أنه يفتقر