بالشفعة سلم الجميع إليه، فإن جاء الناكل وطالبه بحصته منه، فإن كان يصدقه أنه لم يعف دفع حصته إليه، وإن لم يصدقه وادعى عليه العفو، كان القول قول الناكل مع يمينه، وعرضت اليمين عليه لأن هذه الدعوى على الشفيع غير الدعوى على المشتري، فنكوله في إحداها لا يسقط يمينه في الأخرى، فإن حلف استحق، وإن نكل عن اليمين ردت اليمين عليه، فإن حلف سقطت دعوى الأجنبي، وإن نكل عن اليمين، صرفا ولم يكن لهما حكم عندنا.
إذا اشترى شقصا من دار أو أرض ففلس قبل أن يقبض البائع الثمن، وقبل أن يأخذ الشفيع الشفعة، ثم حضر البائع والشفيع وسائر الغرماء كان الشفيع أولى لأن حقه سابق من وقت الشراء، وحق البائع متجدد بالتفليس، وحق الغرماء في ذمته.
ومثل ذلك إذا طلق الرجل زوجته وحضر الزوج يدعي نصف الشقص الممهور وحضر الشفيع، فالشفيع أولى لأن حقه سابق، وهو الصحيح عندهم، وعلى مذهبنا لا يصح ذلك لأن ما جعله مهرا لا شفعة فيه بحال، وقالوا: فيه وجه آخر وهو أن الزوج أولى من الشفيع.
إذا بيع بعض الدار بدينه لم تثبت الشفعة لورثته، لأن ملك الورثة بمنزلة المتأخر عن البيع، والملك الحادث بعد البيع لا يستحق به الشفعة.
بيان ذلك أن هذا البيع يستحق على الميت بسبب وجد في حياته فكأنه يتبعه في حياته وملك الورثة حادث بعد موته، وكذلك إذا أوصى ببيع الدار والتصدق بثمنها فإنه لا شفعة لورثته لما ذكرناه، ولو كان لهم في الدار شريك قبل موت صاحبهم، كان لهم الأخذ بالشفعة فيما بيع في الدين أو بيع في الوصايا لأنهم شركاؤه.
ولو أن وصيا على صبي باع له شقصا فيما لا بد له منه وهو شريكه، فأراد أن يأخذ بالشفعة فليس له ذلك لأنه قد كان يصل إلى الحاكم حتى يأمر ببيعه فيأخذ إن شاء، وكذلك إن وكل في بيع شقص وهو شفيع، فباع لم يكن له