بألف من زيد الغائب وأقام البينة بما ادعاه، وأقام من هي في يديه البينة أن عمرو الغائب أودعنيها وأقام بذلك البينة، فشهدت بينة الإيداع أنه أودعه ما هو ملكه، وكانت بينة الشراء مطلقة، قدمت بينة الإيداع، لأنها انفردت بالملك وأسقطت بينة الشراء، وأقر الشقص في يد المدعى عليه، وكتب إلى عمرو فيسأل عما ذكر هذا الحاضر فإن قال: صدق والشقص وديعة لي عليه في يديه، سقطت الشفعة والشئ وديعة على ما هو عليه، وإن قال عمرو: ما أودعته ولا حق لي فيها، وقضي للمدعي ببينة الشراء وسلم الشقص إليه.
فإن كانت المسألة بحالها وشهدت بينة الشفيع بأن زيدا باعه وهو ملكه، وكانت بينة الإيداع مطلقة، قدمنا بينة الشراء وحكمنا عليه بالشفعة، ولم نراسل هاهنا زيادا لأنه لو أنكر الشراء لم يلتفت إليه فلا معنى لمراسلته.
إذا كانت دار بين ثلاثة أثلاثا، فباع اثنان نصيبهما من رجل واحد صفقة واحدة، فالمشتري واحد والبائع اثنان، فإنه تبطل الشفعة عند من لا يوجب الشفعة إذا كان الشركاء أكثر من اثنين، ومن أوجبه للشركاء قال: يكون الشفيع بالخيار بين أن يأخذ منهما الكل أو يدع الكل، وفي الناس من قال: له أن يأخذ نصيب أحدهما دون الآخر.
فإن كان البائع واحدا والمشتري اثنان فللشفيع أن يأخذ منهما، ومن أيهما شاء دون صاحبه لأنه حق له أخذه وتركه، وترك بعضه وأخذ بعضه.
فإن كانت الدار بينهما نصفين فباع أحدهما نصيبه منهما في دفعتين من رجل واحد أو من رجلين ثم علم الشفيع بذلك كان له أن يأخذهما معا، وله أن يأخذ الأول دون الثاني، أو الثاني دون الأول، لأن لكل واحد من العقدين حكم نفسه.
فإن كانت الدار بين ثلاثة فباع اثنان منهم نصيبهما من رجلين صفقة واحدة، فهي بمنزلة أربعة عقود عند قوم، لأن عقد الواحد مع الاثنين كالعقدين، وإذا كان اثنان مع اثنين كانت أربعة فيكون الشفيع بالخيار بين أن يأخذ الكل أو يدع الكل أو يأخذ ربع المبيع أو نصفه أو ثلثه أو ثلاثة أرباع، ويدع ما بقي.