إذا وهب شقصا لغيره فلا شفعة فيه، وسواء وهبه لمن هو دونه، أو من هو فوقه أو من هو نظيره، لأن الهبة ليست بيعا، وقال قوم: إن كانت لنظيره فهو تودد، وإن كانت لمن دونه فهو استعطاف ولا يثاب عليهما ولا يتعوض، ولا شفعة فيهما، وإن كانت الهبة لمن هو فوقه فإنه يثاب عليها ويستحق بها الشفعة.
إذا كانت دار بين رجلين نصفين فادعى كل واحد منهما على صاحبه أن النصف الذي في يده يستحقه عليه بالشفعة، رجعنا إليهما في وقت الملك فإن قالا: ملكناها معا في زمان واحد بالشراء من رجل واحد أو من رجلين، فلا شفعة لأحدهما على صاحبه، لأن ملك كل واحد منهما لم يسبق ملك صاحبه.
وإن قال كل واحد منهما: ملكي سابق وأنت ملكت بعدي فلي الشفعة، لم يخل من ثلاثة أحوال: إما أن لا يكون هناك بينة، أو يكون مع أحدهما بينة أو مع كل واحد منهما بينة.
فإن لم يكن مع واحد منهما بينة فكل واحد منهما مدع ومدعى عليه، فإن سبق أحدهما بالدعوى على صاحبه، قلنا له: أجب عن الدعوى، فإن قال: ملكي هو السابق، قلنا: ليس هذا هو جواب الدعوى بل ادعيت كما ادعى فأجب عن الدعوى، فإن أجاب فقال: لا يستحق علي الشفعة، فالقول قوله مع يمينه، وإن نكل ولم يحلف رددنا اليمين على المدعي، فإذا حلف قضينا له بالشفعة، وسقطت دعوى صاحبه لأنه لم يبق ملك يدعي به الشفعة بعدها، وإن حلف سقطت دعوى صاحبه، ويقال: لك الدعوى بعد هذا، فإذا ادعى بعد هذا على صاحبه نظرت: فإن نكل حلف هو واستحق الشفعة، وإن لم ينكل لكنه حلف سقطت الدعوى، وثبتت الدار بينهما على ما كانت، هذا إذا لم تكن بينة.
فإن كانت هناك بينة مع أحدهما نظرت: فإن شهدت له بالتأريخ فقط، فقالت: أشهد أنه ملكها منذ سنة أو في شهر كذا، قلنا: لا فائدة في هذا التاريخ لأنها لا نعرف وقت ملك الآخر، وإن شهدت له بأنه ملك قبل صاحبه قضينا بالبينة، وحكمنا له بالشفعة، لأن البينة مقدمة على دعوى صاحبه.