نارا فتعدى إلى ملك غيره فأحرقته، فالماء والنار سواء ينظر فيه: فإن أرسل الماء في ملكه بقدر حاجة ملكه، فسأل إلى ملك غيره نظرت: فإن كان غير مفرط مثل أن نقب الفأر أو غيره نقبا أو كان هناك نقبة لم يعلم بها فلا ضمان عليه، لأنها سراية عن مباح فيذهب هدرا.
وهكذا النار إذا أججها في ملكه فحملتها الريح إلى ملك غيره فأتلفته فلا ضمان عليه لأنها سراية عن مباح.
وأما إن أرسل الماء إلى ملكه وتوانى، وهو يعلم أنه يطفح إلى ملك غيره فأتلفه، كان عليه الضمان، لأنها سراية عن فعل محظور، وهكذا إن أجج نارا عظيمة في زرعه أو حطبة على سطحه، وهو يعلم في العادة أنه يصل إلى ملك غيره كان عليه الضمان.
فأما إن أرسل الماء إلى ملكه بقدر حاجته إليه وهو يعلم أن الماء ينزل إلى ملك غيره وأن للماء طريقا إليه فعليه الضمان لأنه إذا علم أنه يسري إلى ملك غيره وأنه لا حاجز يحجزه عنه فهو المرسل له، وهكذا النار إذا طرحها في زرعه وهو يعلم أن زرعه متصل بزرع غيره، وأن النار تأتي على ملكه، وتتصل بملك غيره فعليه الضمان لأنها سراية حصلت بفعله.
وإن ادعى دارا في يد رجل فاعترف له بدار مبهمة ثم مات المقر قيل للوارث: بين، فإن لم يبين قيل للمدعي: بين أنت، فإن عين دارا وقال: هذه التي ادعيتها وقد أقر لي بها، قيل للوارث: ما تقول؟ فإن قال: صدق، تسلم، وإن قال:
ليست هذه، فالقول قول الوارث مع يمينه فإذا حلف سقط تعيين المدعي، وقيل للوارث: نحبسك حتى تبين الدار التي أقر له أبوك بها.
إذا غصب مالا لرجل فتلف في يده لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون له مثل أو لا مثل له، فإن كان له مثل فعليه مثل ما تلف في يده يشتريه بأي ثمن كان، ويدفعه إلى المالك إجماعا، وإن كان مما لا مثل له كالثياب والحيوان فعليه قيمته أكثر ما كانت قيمته من حين الغصب إلى حين التلف، لأنه مأمور برده