فأما ما يحكم به، فإنه لا يجوز أن يحكم إلا بما يراه حظا للمسلمين عائدا بمصالحهم، ثم ينظر، فإن حكم بقتل الرجال وسبي النساء والولدان وغنيمة المال نفذ ذلك كما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة، وإن حكم باسترقاق الرجال وسبي النساء والولدان وأخذ الأموال جاز أيضا، وإن حكم بالمن وترك السبي بكل حال جاز أيضا إذا رآه حظا.
وإن حكم بأن يعقدوا عقد الذمة على أن يؤدوا الجزية لزمهم أيضا لأنهم نزلوا على حكمه.
فإن حكم على أن من أسلم منهم يحقن دمه جاز لأن هذا يجوز من غير تحكيم، وإن حكم على أن من أسلم منهم أن يسترق من أقام على الكفر، قيل:
جاز، فإن أراد أن يسترق بعد ذلك من أقام على الكفر لم يكن له لأنه لم يدخل على هذا الشرط، وإن أراد أن يمن عليه جاز لأنه ليس فيه إبطال شئ شرطه، بل فيه إسقاط ما كان شرط من القتل.
فإن حكم بقتل الرجال وسبي النساء والذرية ورأي الإمام أن يمن على الرجال أو على بعضهم جاز ذلك، لأن سعدا حكم على بني قريظة بقتل رجالهم، ثم إن ثابت الأنصاري سأل النبي صلى الله عليه وآله أن يهب الزبير بن رباطا اليهودي له ففعل.
فإن نزلوا على حكم الحكم، فقبل أن يحكم فيهم بشئ أسلموا عصموا دماءهم وأموالهم ولم يحل سبي ذراريهم، وإن أسلموا بعد أن حكم بقتل الرجال وسبي النساء والولدان وأخذ الأموال سقط القتل لا غير وسبي النساء والولدان وأخذ الأموال. وإن أراد الإمام هاهنا أن يسترق الرجال بعد ما أسلموا لم يجز لأنهم ما نزلوا على هذا الحكم.
فإن حكم فيهم بقتل الرجال وسبي النساء والذرية وأخذ المال كان المال غنيمة، ويخمس لأنه أخذ قهرا بالسيف.
فإن نزلوا على أن يحكم فيهم بكتاب الله أو القرآن كره ذلك، لأن هذا