آمنين، غير أنهم ينبغي أن يردوا إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا لمكان الشبهة.
فأما وقت الأمان فإنه قبل الأسر ما دام على الامتناع، وإن حصل في مضيق أو في حصن ولحقهم المسلمون فإنه يصح الأمان لأنه بعد على الامتناع. وإن أقر مسلم بأنه آمن مشركا قبل منه.
وأما بعد الأسر فلا يصح الأمان من آحاد المسلمين، والحكم فيه إلى الإمام على ما مضى. فإن أقر مسلم أنه كان آمن هذا الأسير قبل الأسر لم يقبل منه، لأنه لا يملك عقد الأمان في هذه الحال فلا يملك الإقرار به، فإن أقام البينة على ذلك قبلت، وكذلك إن اجتمعت جماعة من المسلمين فأقروا أنهم عقدوا الأمان له قبل الأسر لم يقبل لأنهم يشهدون على فعلهم.
وإذا تجسس مسلم لأهل الحرب وكتب إليهم فأطلعهم على أخبار المسلمين لم يحل بذلك قتله، لأن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة كتابا يخبرهم بخبر المسلمين فلم يستحل النبي صلى الله عليه وآله قتله، وللإمام أن يعفو عنه، وله أن يعزره، لأن النبي صلى الله عليه وآله عفا عن حاطب.
ومن أذم مشركا أو غير مشرك ثم خفره ونقض ذمامه كان غادرا آثما.
إذا دخل الحربي دار الإسلام فعقد لنفسه الأمان فإنه يعقد لنفسه ولماله على طريق التبع، فإن خرج إلى دار الحرب نظر، فإن خرج بإذن الإمام في رسالة أو تجارة أو حاجة فهو على الأمان مثل الذمي إذا خرج إلى دار الحرب لتجارة، وإن لحق بدار الحرب للاستيطان انتقض أمانه في نفسه ولا ينتقض في ماله، فما دام حيا فالأمان قائم لماله، فإن مات انتقل ميراثه إلى ورثته من أهل الحرب إن لم يكن له وارث مسلم، وينتقض الأمان في المال لأنه مال الكافر لا أمان بيننا وبينه في نفسه ولا ماله كسائر أهل الحرب، ويصير فيئا للإمام خاصة لأنه لم يؤخذ بالسيف فهو بمنزلة ميراث من لا وارث له.
وإن عقد أمانا لنفسه، فمات عندنا وله مال وله ورثة في دار الحرب كانت مثل المسألة الأولى سواء، وفي الناس من قال: إنه يرد إلى ورثته لأنه مات على