الكفار دون جميعهم لأن إليه النظر في تلك الجهة دون غيرها.
وإن كان العاقد آحاد المسلمين جاز أن يعقد لآحادهم والواحد والعشرة، ولا يجوز أن يعقد لأهل بلد عام ولا لأهل إقليم لأنه ليس له النظر في مصالح المسلمين.
فإذا ثبت جوازه لآحاد المسلمين، فإن كان العاقد حرا مكلفا جاز بلا خلاف، وإن كان عبدا صح، سواء كان مأذونا له في القتال أو غير مأذون - وفيه خلاف - لقوله صلى الله عليه وآله: يسعى بذمتهم أدناهم، وأدناهم عبيدهم.
وأما المرأة فيصح أمانها بلا خلاف، لأن أم هاني بنت أبي طالب أجارت رجلا من المشركين يوم فتح مكة فأجاز النبي صلى الله عليه وآله أمانها وقال:
أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت.
والصبي والمجنون لا يصح أمانهما لأنهما غير مكلفين، فإن أغر مشرك بمراهق فأمنه ودخل بأمانه فأمانه فاسد، ولكن لا يجوز التعرض له قبل أن يرد إلى مأمنه ثم يصير حربا، لأنه دخل بشبهة فلا يجوز غدره والظفر به.
وعلى هذا روى أصحابنا أن المشركين إذا استذموا من المسلمين فقالوا: لا نذمكم، فظنوا أنهم آمنوهم فإنه لا يتعرض لهم، بل ينبغي أن يردوا إلى المأمن ثم يصيرون حربا، لأنهم دخلوا بشبهة.
فأما ألفاظ الأمان فهو أن يقول: آمنتك، آجرتك، وأذممتك ذمة الإسلام، فأما إذا قال: لا تذهل، لا تخف، لا بأس عليك، أو قال ما معناه بلغة أخرى، فإن علم من قصده أنه أراد الأمان كان أمانا لأن المراعي القصد دون اللفظ، وإن لم يقصد بذلك الأمان فلا يكون أمانا، غير أنهم إذا سكنوا إلى ذلك ودخلوا لا يتعرض لهم، لأنه شبهة، ويردون إلى مأمنهم ثم يصيرون حربا. وكذلك الحكم إذا أومأ مسلم إلى مشرك بما توهمه أنه أمان فركن إلى ذلك ودخل دار الإسلام كان حكمه ما قلناه.
وإن قال: لم أو منهم، فالقول قوله، فإن مات قبل أن يبين شيئا لم يكونوا