ليشتري لهم به شيئا فإنه لا يتعرض له - سواء كان مع المسلم أو الذمي - لأن ذلك أمانة معهم وللحربي أمان.
ولو دفع الحربي إلى الذمي في دار الإسلام وديعة كان في أمان بلا خلاف.
إذا حاصر الإمام بلدا وعقد عليهم على أن ينزلوا على حكمه فيحكم فيهم بما يرى هو أو بعض أصحابه جاز ذلك كما نزلت بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ فحكم عليهم بقتل رجالهم وسبي ذراريهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله:
لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة، يعني سبع سماوات.
فإذا ثبت جوازه فالكلام بعد ذلك في فصلين: في صفة الحاكم، وفيما يحكم به. أما الحاكم، فلا بد من أن يكون حرا، مسلما، بالغا، ثقة من أهل العلم، فإن كان صبيا أو مجنونا أو امرأة أو عبدا أو فاسقا أو كافرا لم يجز، ويجوز أن يكون أعمى لأنه لا يحتاج في ذلك إلى رؤية، وكذلك إن كان محدودا في قذف وتاب جاز.
فإن نزلوا على حكم رجل منهم نظر، فإن كان على حكم من يختاره الإمام جاز لأنه لا يختار إلا من يصلح، وإن كان على حكم من يختارونه لم يجز حتى يوصف.
فإن نزلوا على حكم كافر أو أن يحكم بهم كافر ومسلم لم يجز لأن الكافر لا يكون حكما، وإن نزلوا على حكم مسلم أسير معهم حسن الرأي فيهم، أو رجل أسلم عندهم وهو حسن الرأي فيهم، أو مسلم عندنا حسن الرأي فيهم كره ذلك وكان جائزا إذا كان بالصفة التي ذكرناها.
وإن نزلوا على حكم من لا يجوز أن يكون حكما كان فاسدا غير أنهم يكونون في أمان لأنهم نزلوا على هذا الشرط، فيردون إلى مواضعهم حتى يرضوا بحكم من يجوز أن يكون حكما، فإن نزلوا على حكم من يجوز أن يكون حكما فلم يحكم بشئ حتى مات لم يحكم فيهم غيره، ويردون إلى مواضعهم حتى ينصب غيره ويرضوا به فينزلون على حكمه.