الثالثة: له رأي ولا قتال فيه، فيجوز قتله بلا خلاف، لأن دريد بن الصمة قتل يوم حنين وهو ابن مائة وخمسين سنة، أو خمس وخمسين، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وآله.
الرابعة: أن لا يكون له رأي ولا فيه قتال وهو الشيخ الفاني، فهذا لا يجوز قتله عندنا، وفيه خلاف، وهكذا القول في أهل الصوامع والرهبان، فإنهم يقتلون كلهم، إلا من كان شيخا فانيا هرما عادم الرأي لعموم الآيات والأخبار، وقد روي أن هؤلاء لا يقتلون.
وأما الأسارى فعندنا على ضربين:
أحدهما: أخذ قبل أن تضع الحرب أوزارها وتنقضي الحرب، فإنه لا يجوز للإمام استبقاؤه، بل يقتله بأن يضرب رقبته أو يقطع يديه ورجليه ويتركه حتى ينزف ويموت، إلا أن يسلم فيسقط عنه القتل.
والضرب الآخر: فهو كل أسير يؤخذ بعد أن تضع الحرب أوزارها، فإنه يكون الإمام مخيرا فيه بين أن يمن عليه فيطلقه وبين أن يسترقه وبين أن يفاديه، وليس له قتله على ما رواه أصحابنا.
ومن أخذ أسيرا فعجز عن المشي ولم يكن معه ما يحمله عليه إلى الإمام فليطلقه لأنه لا يدري ما حكم الإمام فيه. ومن كان في يده أسير وجب عليه أن يطعمه ويسقيه وإن أريد قتله في الحال.
ولا يجوز قتال أحد من الكفار الذين لم تبلغهم الدعوة إلا بعد دعائهم إلى الإسلام وإظهار الشهادتين والإقرار بالتوحيد والعدل والتزام جميع شرائع الإسلام، فمتى دعوا إلى ذلك ولم يجيبوا حل قتالهم إلا أن يقبلوا الجزية وكانوا من أهلها، ومتى لم يدعوا لم يجز قتالهم. وينبغي أن يكون الداعي الإمام أو من يأمره الإمام بذلك، فإن بدر إنسان فقتل منهم قبل الدعاء فلا قود عليه ولا دية لأنه لا دليل عليه.
وإن كان الكفار قد بلغتهم دعوة النبي صلى الله عليه وآله وعلموا أنه يدعو