فينبغي أن يمنعه من الغزو معه. والتخذيل مثل أن يقول للمسلمين: الصواب أن نرجع فإنا لا نطيق العدو ولا نثبت لهم، أو يعد طائفة من المسلمين بذلك وتضعف نياتهم. والإرجاف أن يقول: بلغني أن للقوم كمينا، أو لهم مددا يلحقهم، ونحو ذلك. والإعانة أن يؤوي عينا من المشركين أو يكاتبهم بأخبارهم ويطلعهم على عورات المسلمين، فإن خالف واحد من هؤلاء وخرج مع الناس وغزا لم يسهم له لأنه ليس من المجاهدين بل هو عاص، وليس كذلك من عليه الدين أو له أبوان إذا خرج بل يسهم لهم، ولا يرضخ له أيضا لما قلناه.
ويجوز للإمام أن يستعين بالمشركين على قتال المشركين بوجود شرطين:
أحدهما: أن يكون بالمسلمين قلة وفي المشركين كثرة، والثاني: أن يكون المستعان به حسن الرأي في المسلمين، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله مع صفوان بن أمية، واستعان النبي بيهود بني قينقاع فرضخ لهم، فإذا حضروا وغنموا لا يسهم لهم بل يرضخ لهم كما فعل النبي صلى الله عليه وآله، ويجوز أن يعطوا من سهم المؤلفة من الصدقات.
ويجوز أن يستأجر المشركين إجارة على الجهاد لأنهم ليسوا من أهل الجهاد. ومن يرضخ له من النساء والصبيان والعبيد والكفار يدفع إليهم من المصالح، ويجوز للإمام أن يعطيهم من أصل الغنيمة أو من أربعة أخماسها.
وإذا اجتمعت الشروط التي ذكرناها في من يجب عليه الجهاد فلا يجب عليه أن يجاهد إلا بأن يكون هناك إمام عادل أو من نصبه الإمام للجهاد، ثم يدعوهم إلى الجهاد فيجب حينئذ على من ذكرناه الجهاد، ومتى لم يكن الإمام ولا من نصبه الإمام سقط الوجوب بل لا يحسن فعله أصلا، اللهم إلا أن يدهم المسلمين أمر يخاف معه على بيضة الإسلام ويخشى بواره أو يخاف على قوم منهم، فإنه يجب حينئذ دفاعهم ويقصد به الدفع عن النفس والإسلام والمؤمنين ولا يقصد الجهاد ليدخلوا في الإسلام، وهكذا حكم من كان في دار الحرب ودهمهم عدو يخاف منهم على نفسه جاز أن يجاهد مع الكفار دفعا عن نفسه وماله دون الجهاد الذي