على وجوب الهجرة على المستضعف الذي لا يقدر على إظهار دينه، ودليله أن من لم يكن مستضعفا لا يلزمه، ثم استثنى من لم يقدر فقال: إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم.
والهجرة باقية أبدا ما دام الشرك قائما، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها. وما روي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا هجرة بعد الفتح، معناه لا هجرة بعد الفتح فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح، وقيل: المراد لا هجرة بعد الفتح من مكة لأنها صارت دار الإسلام.
ولا يجب الجهاد إلا على كل حر، ذكر، بالغ، عاقل.
فأما المملوك فلا جهاد عليه لقوله تعالى: ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه كان إذا أسلم الرجل عنده قال: أو حرام مملوك؟ فإن كان حرا بايعه على الإسلام والجهاد، وإن كان مملوكا بايعه على الإسلام.
وأما النساء فلا جهاد عليهن، وسئل النبي صلى الله عليه وآله: هل على النساء جهاد؟ قال: نعم جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة.
والصبي لا جهاد عليه، روي عن ابن عمر قال: عرضت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فردني ولم يرني بلغت، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني في المقاتلة.
والمجنون لا جهاد عليه لأنه غير مكلف. فإن أراد الإمام أن يغزو بهم ويخرجهم للحاجة إليهم جاز ذلك إلا المجانين فإنه لا نفع فيهم، وكان النبي صلى الله عليه وآله يحمل معه النساء في الغزوات.
والأعذار التي يسقط معها فرض الجهاد: العمى والعرج والمرض والإعسار، فأما الأعور فيلزمه فرضه لأنه كالصحيح في تمكنه.