فإن كان ذلك قبل أن يلتقي الزحفان وكان ذلك العذر من قبل الغير - مثل أن يكون صاحب الدين أذن له ثم رجع، أو كان أبواه كافرين فأسلما ومعناه - فعليه الرجوع مثل الأول، وإن كان العذر من قبل نفسه - كالعرج والمرض - فهو بالخيار إن شاء فعل وإن شاء رجع.
وإن كان بعد التقاء الزحفين وحصول القتال، فإن كان لمرض في نفسه كان له الانصراف لأنه لا يمكنه القتال، وإن كان للدين والأبوين فليس لهما ذلك لأنه لا دليل عليه، ولقوله تعالى: ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة، وذلك عام.
وإذا كان له أب كافر يستحب له أن يتوقى قتله، فإن ظهر منه ما لا يجوز الصبر عليه كسب الله ورسوله والأئمة جاز له قتله، وروي أن أبا عبيدة قتل أباه حين سمعه يسب رسول الله، فلما قال له النبي صلى الله عليه وآله: لم قتلته؟ قال:
سمعته يسبك، فسكت عنه.
من وجب عليه الجهاد لا يجوز أن يغزو عن غيره بجعل يأخذه عليه، فإن كان ممن لا يجب عليه لإعساره جاز له أن يأخذ الجعل من غيره ويجاهد عنه، وتكون الإجارة صحيحة ولا يلزمه رد الأجرة، ويكون ثواب الجهاد له وللمستنيب أجر النفقة.
وأما ما يأخذه أهل الديوان من الأرزاق فليس بأجرة، بل هم يجاهدون لأنفسهم، وإنما يأخذون حقا جعله الله لهم، فإن كانوا أرصدوا أنفسهم للقتال وأقاموا في الثغور فهم أهل الفئ لهم سهم من الفئ يدفع إليهم، وإن كانوا مقيمين في بلادهم يغزون إذا خيفوا فهؤلاء أهل الصدقات يدفع إليهم سهم منها.
وأما معاونة المجاهدين ففيها فضل من السلطان والعوام وكل أحد، ويستحقون به الثواب، روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من جهز غازيا أو حاجا أو معتمرا أو خلفه في أهله فله مثل أجره.
وإذا عرف الإمام من رجل التخذيل أو الإرجاف أو معاونة المشركين