أصحابه من قال: يؤخذ من الذمي إذا دخل بلد الحجاز سوى الحرم نصف العشر، وفي الحربي إذا دخل دار الإسلام العشر.
وقال أبو حنيفة: يؤخذ منهم ما يأخذون هم من المسلمين إذا دخلوا دار الحرب، فإن عشروهم عشرناهم، وإن أخذوا منهم نصف العشر، فمثل ذلك، وإن عفوا عنهم عفونا عنهم.
دليلنا: إن الأصل براءة الذمة، وتقدير ما يؤخذ منهم يحتاج إلى شرع أو شرط وليس هاهنا واحد منهما.
مسألة 16: إذا هادن الإمام المشركين مدة على أن من جاء منهم رده إليهم، ويكف الحرب فيما بينهم ثم جاءت امرأة مسلمة مهاجرة منهم إلى بلد الإسلام لم يجز ردها بلا خلاف، إلا أنه إن جاء زوجها وطالب بمهرها الصحيح الذي أقبضها إياه كان على الإمام أن يرده إليه من سهم المصالح.
وللشافعي فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه وهو أضعفهما عندهم، والثاني وهو الصحيح عندهم أنه لا يرد عليه شيئا، وهو اختيار الشافعي والمزني، وبه قال أبو حنيفة.
دليلنا: قوله تعالى: وآتوهم ما أنفقوا، وهذا قد أنفق.
مسألة 17: يجوز للإمام أن يصالح قوما على أن يضرب الجزية على أرضهم بحسب ما يراه، وإذا أسلموا سقط ذلك عنهم، وصارت الأرض عشرية، وبه قال الشافعي إلا أنه قيد ذلك أنه يضع عليها بأقل ما يكون من الجزية فصاعدا.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز الاقتصار على هذا حتى ينضم إليه ضرب الجزية على الرؤوس، ومتى أسلموا لا تسقط عنهم بل تكون الأرض خراجية على ما وضع عليها.