فأما إذا كانت المسافة ما بين مائتين وخمسين وثلاث مائة وخمسين قوم: يجوز لأن الإصابة مع هذه المسافة معتادة، وقال آخرون: لا يجوز، لأن الإصابة تقل غالبا.
إذا كان الرشق عشرة، والإصابة ثمانية فما دونها جاز، وإن كانت الإصابة تسعة ولا يعتبر العاشر لم يصح، وإن كانت الإصابة من العشرة تسعة أو عشرة، قال قوم: يجوز لأنه يمكن الوفاء به، وقال آخرون: لا يجوز لأنه يتعذر في العادة، والأول أقوى.
يجوز عقد النضال على أرشاق كثيرة، فإن عقداه على أن يرميا مائة رشق جاز كما يجوز على رشق واحد، فإذا صح لم يخل من أحد أمرين: إما أن يشترطا قدرا ما يرميان في كل يوم أو يطلقا:
فإن اشترطا أن يكون الرمي سهما في كل يوم كذا وكذا رشقا، صح ما شرطا لأن الأغراض تختلف، فإن رميا ما اشترطا عليه فلا كلام، وإن أراد الزيادة في ذلك أو النقصان فعلى ما مضى، وإن وقع العقد مطلقا اقتضى إطلاقه التعجيل، والرمي في كل يوم من برد الغداة إلى الليل.
وكان الرمي طول النهار إلا من عذر، وما لا بد منه من الأكل والشرب وحاجة الإنسان والطهارة والصلاة، وكذلك ما كان عذرا يقطع الرمي كالريح العاصفة وكذلك المطر لأنه يبل الوتر ويفسد الريش، وكذلك المرض فيؤخر حتى يزول العارض.
وإذا جاء الليل انقطع الرمي لأن العادة ما جرت به ليلا، إلا أن يشترطا الرمي ليلا ونهارا، فحينئذ يرميان ليلا، فإن كان القمر منيرا فذاك، و إن لم يكن القمر منيرا فالضوء من شمع ومشعل ونحو ذلك، فيكون على ما شرطاه.
إذا رمى أحدهما فأصاب، فإن المرمى عليه يرمي بعده، ولا يكلف المبادرة فيدهش، ولا له أن يطول الإرسال بأن يمسح قدميه أو يقوم سهمه أو يفوق النبل ويديره طلبا للتطويل حتى تبرد يد صاحبه فينسى الطريقة التي يسلكها في