منهما يجتهد أن يسبق وحده، فأما إن قال لاثنين: من سبق فله عشرة، ومن صلى فله عشرة - وقوله صلى يعني حاذى رأس فرسه صلوى فرس السابق، والصلوان الحقوان -.
فإذا سوى بينهما في العطية: فإن لم يدخل بينهما ثالثا كان خائبة لأن كل واحد منهما لا يكد ولا يجهد، لأنه إن سبق فله العشرة وإن صلى فله العشرة.
وإن أدخل بينهما ثالثا وقال: أي الثلاثة سبق أو صلى فله العشرون، صح لأن كل واحد منهم يكد ويجهد خوفا أن يكون ثالثا غير سابق ولا مصلى. هذا إذا سوى بينهما.
فأما إن فاضل في العطية فقال: للسابق عشرة، وللمصلي خمسة، فإن أدخل بينهما ثالثا صح لأن كل واحد يخاف أن يكون ثالثا لا يأخذ شيئا، وإن لم يدخل بينهما ثالثا، قال قوم: لا يصح لأن كل واحد منهما لا يخلو من جعل، وقال آخرون: يصح، وهو الأقوى عندي، لأن كل واحد منهما يكد ويحرص على تحصيل الأكثر، هذا إذا كان المسبق غيرهما.
فأما إذا كان المسبق أحدهما، فقال: أينا يسبق فله عشرة، إن سبقت أنت فلك العشرة، وإن سبقت أنا فلا شئ عليك، جاز هذا عند قوم، ولا يجوز عند آخرين، والأول أقوى، لأن الأصل جوازه.
الثالث: أن يسبق كل واحد منهما صاحبه، فيخرج كل واحد منهما عشرة ويقول: من سبق فله العشرون معا، فإن لم يدخلا بينهما محللا فهو القمار بعينه، لما روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار، وإن لم يأمن فليس بقمار.
والدلالة من أول الخبر، وهو أنهما لو تسابقا وأدخلا بينهما ثالثا قد أمن أن يسبق - معناه أي قد أيس أن يسبق - لضعف فرسه وقوة الآخرين، فهو قمار، لأنه قد علم وعرف أنه لا يسبق ولا يأخذ شيئا، فإذا لم يجز هذا ومعهما ثالث قد أيس أن يسبق فبأن لا يجوز إذا لم يكن معهما ثالث بحال أولى.