وجميع أحكام الرهان معتبرة في النضال إلا من واحد، وهو أن المسابقة لا تصح حتى تعين القوس، ومتى نفق لم يستبدل صاحبه غيره، وفي النضال لا يحتاج إلى تعيين القوس، وإن عينها لم يتعين، ومتى انكسرت كان له أن يستبدل، لأن المقصود من النضال الإصابة، ومعرفة حذق الرامي، وهذا لا يختلف لأجل القوس، والقصد في المسابقة معرفة السابق، فلهذا اختلف باختلاف الفرس، وإذا نفق لم يقم غيره مقامه، لأنه قد يكون دون الأول أو خيرا منه، وليس كذلك القوس لأن المقصود معرفة حذقه، فكل قوس يذهب يقوم غيرها مقامها.
لا تصح المناضلة إلا بسبع شرائط: وهو أن يكون الرشق معلوما، وعدد الإصابة معلوما، وصفة الإصابة معلومة، والمسافة معلومة، وقد الغرض معلوما، والسبق معلوما وأن يشترط مبادرة أو محاطة.
أما الرشق - بكسر الراء - فعبارة عن عدد الرمي، يقال رشق ووجه ويد، واليد بالفارسية دست، وقوله " وجه " معناه أن يقفوا عند أحد الغرضين يرمون رشقهم إلى الآخر فقالوا " وجه ".
وأما الرشق - بفتح الراء - فعبارة عن الرمي، يقال: فرس رشيق وغلام رشيق، إذا كان دقيقا، وليس للرشق عدد معلوم عند الفقهاء، بل على أي عدد يتفقان عليه، وعند أهل اللغة عبارة عما بين عشرين إلى ثلاثين.
وأما عدد الإصابة فإن يقال الرشق عشرون والإصابة خمسة، ونحو هذا.
وصفة الإصابة معلومة، وهو أن يقال حوابي أو خواصر أو خوارق أو خواسق، وقيل خواصل، ومنه يقال: خصلت مناضلي، أي سبقته.
فالحوابي ما وقع بين يدي الغرض، وحبا إليه أي سبق إليه، ومنه قال حبا الصبي يحبو إذا حبا من مكان إلى مكان، والخواصر ما كان في جانبي الغرض ومنه قيل الخاصرة لأنها من جانبي الرجل، والخوارق ما خدش الغرض ولم يثبت فيه، والخواسق ما فتح الغرض وثبت فيه، والخواصل اسم للإصابة أي إصابة كانت.