بأنه عربي في آيات متكاثرة متواترة، وهذا المقصد من لغة العرب من مقاصده، لا يعقل أن تكون كلمة من كلماته - حاشا الأعلام - دخيلة على لغة العرب.
وفيه (إن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم) جاء (هدى وموعظة للمتقين) و (شفاء لما في الصدور) كما نص.
جاء القرآن لمقصد أعلى وغرض أسمى خاض في فنون المعارف والمصالح والحكم والاصلاح والتشريع والأخلاق والحجج، والأمثال بأحسن أسلوب و أقوم منهج، جاء القرآن لدعوة الناس كافة إلى التوحيد في عقايدهم وأفعالهم و أقوالهم، جاء ليجمعهم تحت كلمة واحدة بقول: (لا إله إلا الله) ويرشدهم إلى الشرع الحنيف الإسلامي ويخرجهم من الظلمات إلى النور وإلى صراط العزيز الحميد.
لم يلتفت في شئ من ذلك إلى اختلاف الألسنة واللغات ولم يشر فيه إلى اهتمامه بتوحيد اللهجات وجمع ما تفرقت به السنة القبائل كما زعم وأما الآيات المشار إليها فقد أجيب عنها آنفا.
ومنها أن العرب أمة من أقدم الأمم ولغتها من أقدم اللغات وجودا كانت قبل إبراهيم وإسماعيل وقبل الكلدانية، والعبرية، والسريانية، وغيرها بله الفارسية، وقد ذهب منها الشئ الكثير بذهاب مدنيتهم الأولى قبل التاريخ، فلعل الألفاظ القرآنية التي يظن أن أصلها ليس من لسان العرب، ولا يعرف مصدر اشتقاقها لعلها من بعض ما فقد أصله وبقى الحرف وحده.
وفيه أن موضوع أقدمية إحدى لغات الأمم القديمة جدا على الأخرى يكون من المباحث التي ليس لنا إلى إحرازه سبيل إلا بتكاثر الروايات الموثقة الخالية عن عصبية القومية، وذلك مما يعسر الوقوف عليه، ولم نجد فيما بأيدينا من المنابع ما نثق به، ونحن نظن أن هذه دعوى فاقدة لدليل موثوق به، فلا يمكننا الركون إليها، والاعتماد عليها.