يوم فيما حققه العلماء والباحثون في هذا المبحث رأينا أن له صلة قوية بذاك الموضوع بل هو أساسه الذي يبتني به، فانتهزنا الفرصة وبادرنا إلى التحقيق فيه والبحث عنه، مقتصرين على ذكر ما أفادوه وما يرد عليه.
فنقول: هنا قولان معروفان من قديم الزمان (أحدهما) عدم وقوع المعرب في القرآن الكريم والثاني وقوعه فيه، نسب الأول منهما إلى أكثر أهل العلم من المتقدمين كالشافعي الامام، وابن جرير وأبي عبيدة معمر بن المثنى التيمي، والقاضي أبي بكر الباقلاني، وابن فارس وتبعهم في ذلك غير واحد من المتأخرين.
والثاني منهما إلى جماعة منهم أيضا كابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، وعكرمة، وعطاء وغيرهم وقد عرفت في ذاك الفصل تصريح أكثر اللغويين وجمع من الباحثين بأن الدرهم والدينار كلمتان معربتان، وهذا اعتراف منهم بوقوعه فيه.
أما القول الأول، فقد استدل على بأمور:
منها دلالة عدة آيات مباركة على أن القرآن عربي كقوله تعالى (انا أنرلناه قرآنا عربيا) (1) وقوله تعالى (انا جعلنا قرآنا عربيا) (2) وقوله تعالى (وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا) (3) وغيرهما من الآيات الكريمة (4).
وأجيب عن ذلك - أولا - بأن وقوع كلمات يسيرة بغير العربية في القرآن لا يخرجه عن كونه عربيا كما أن وقوع ألفاظ قليلة عربية في مقالة فارسية لا تخرجها عن كونها فارسية وبعبارة أخرى أن المراد من كونه عربيا كونه عربي الأسلوب والنظم، وعجمة عدة كلمات منه لا تكون قادحة في ذلك.