فقلت: زدني، فقال: من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي. ثم منعتني هيبته أن أسأله عما في الهميان.
وخرجت بالكتب الى المدائن وأخذت جواباتها ودخلت سرّ من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي عليه السّلام، فإذا أنا بالواعية في داره وإذا به على المغتسل وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يعزّونه ويهنؤنه، فقلت في نفسي: ان يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة، لأني كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور، فتقدمت فعزيت وهنّيت فلم يسألني عن شي ء، ثم خرج عقيد فقال: يا سيدي قد كفّن أخوك فقم وصل عليه فدخل جعفر ابن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة، فلما صرنا في الدار إذا نحن بالحسن بن علي صلوات اللَّه عليه على نعشه مكفناً فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه، فلما همّ بالتكبير خرج صبيٌّ بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجذب برداء جعفر بن علي وقال: تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي، فتأخر جعفر وقد اربد وجهه واصفرّ. فتقدم الصبي وصلّى عليه ودفن الى جانب قبر أبيه عليهما السلام.
ثم قال: يا بصري هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها اليه، فقلت في نفسي: هذه بيّنتان، بقي الهميان، ثم خرجت الى جعفر بن علي وهو يزفر، فقال له حاجز الوشاء: يا سيدي من الصبي لنقيم الحجّة عليه؟ فقال: واللَّه ما رأيته قطّ ولا اعرفه فنحن جلوس إذ قدم نفر من قم فسألوا عن الحسن بن علي فعرفوا موته فقالوا: فمن نعزي؟ فأشار الناس الى جعفر بن علي فسلّموا عليه وعزّوه وهنّوه وقالوا: ان معنا كتباً ومالًا، فنقول ممن الكتب؟ وكم المال؟ فقام ينفض أثوابه ويقول: تريدون منا أن نعلم الغيب.