أفقت ونظرت الى الصبيان فلم أره معهم فقلت لهم: من يكون ذلك الغلام؟ قالوا:
وما عرفته؟ قلت: لا، قالوا: ذاك من أولاد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنهم، قال: فقلت: قد عجبت من أمره وما تكون هذه الثمرة الّا من تلك الشجرة» «1».
قال الحسين بن محمّد الأشعري ومحمّد بن يحيى وغيرهما قالوا: «كان أحمد ابن عبيداللَّه بن خاقان على الضياع والخراج بقم، فجرى في مجلسه يوماً ذكر العلوية ومذاهبهم وكان شديد النصب فقال: ما رأيت ولا عرفت بسرّ من رأى رجلًا من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمّد ابن الرضا في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته وبني هاشم وتقديمهم ايّاه على ذوي السنّ منهم والخطر وكذلك القواد والوزراء وعامة الناس.
فاني كنت يوماً قائماً على رأس أبي وهو يوم مجلسه للنّاس، إذ دخل عليه حجّابه فقالوا: أبو محمّد ابن الرضا بالباب فقال بصوتٍ عالٍ: ائذنوا له فتعجبت مما سمعت منهم انهم جسروا يكنّون رجلًا على أبي بحضرته ولم يكنّ عنده الّا خليفة أو وليّ عهدٍ أو من أمر السلطان أن يكنّى، فدخل رجل أسمر حسن القامة جميل الوجه جيّد البدن حدث السنّ له جلالة وهيبة، فلما نظر اليه أبي قام يمشي اليه خطىً ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم والقوّاد، فلما دنا منه عانقه وقبل وجهه وصدره وأخذه بيده وأجلسه على مصلّاه الذي كان عليه وجلس الى جنبه مقبلًا عليه بوجهه وجعل يكلمه ويفديه بنفسه وأنا متعجب مما أرى منه، إذ دخل عليه الحاجب فقال: الموفق قد جاء وكان الموفق إذا دخل على أبي تقدم حجّابه