فعظم قدره عندي إذ لم أر له وليّاً ولا عدوّاً الّا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه.
فقال له بعض من حضر مجلسه من الاشعريين: يا أبا بكر، فما خبر أخيه جعفر؟ فقال: ومن جعفر فتسأل عن خبره أو يقرن بالحسن؟ جعفر معلن الفسق فاجر ماجن شرّيب الخمور، أقلّ من رأيته من الرجال وأهتكهم لنفسه، خفيفٌ قليل في نفسه. ولقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفاة الحسن بن علي ما تعجبت منه وما ظنت أنه يكون، وذلك أنه لما اعتلّ بعث الى أبي أن ابن الرضا قد اعتل، فركب من ساعته فبادر الى دار الخلافة، ثم رجع مستعجلًا ومعه خمسة من خدم أميرالمؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته فيهم نحرير، فأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرّف خبره وحاله، وبعث الى نفر من المتطبّبين فأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده صباحاً ومساءً، فلما كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثة أخبر أنه قد ضعف، فأمر المتطبببين بلزوم داره، وبعث الى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه فأحضرهم، فبعث بهم الى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلًا ونهاراً، فلم يزالوا هناك حتى توفي عليه السّلام، فصارت سر من رأى ضجة واحدة، وبعث السلطان الى داره من فتّشها وفتّش حجرها وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده، وجاءوا بنساءٍ يعرفن الحمل فدخلن الى جواريه ينظرن اليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حبل، فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم.
ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته وعطّلت الأسواق وركبت بنو هاشم والقوّاد وأبي وسائر الناس الى جنازته، فكانت سرّ من رأى يومئذٍ شبيهاً بالقيامة، فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى ابن المتوكل فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة عليه دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه، فعرضه على