وقال الحضرمي الشافعي: «أبو محمّد الحسن الخالص ابن علي العسكري، كان عظيم الشأن جليل المقدار، وقد زعمت الشيعة الرافضة انه والد المهدي المنتظر، ووقع له مع المعتمد لما حبسه كرامة ظاهرة مشهورة. ونقل في روض الرياحين للإمام عبد اللَّه بن أسعد اليافعي عن بهلول قال: بينما أنا ذات يوم في بعض شوارع المدينة وإذا بالصبيان يلعبون بالجوز واللوز وإذا بصبي ينظر اليهم ويبكي فقلت: هذا صبي يتحسر على ما في أيدي الصبيان ولا شي ء معه، فقلت: أي بني ما يبكيك؟ اشترلك ما تلعب به؟ فرفع بصره إليّ وقال: يا قليل العقل، ما للّعب خلقنا، فقلت: فلم إذاً خلقنا؟ قال: قال للعلم والعبادة، قلته: من اين لك ذاك بارك اللَّه فيك؟ قال من قول اللَّه تعالى:«أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ» «٢» فقلت: يا بنيّ أراك حكيماً فعظني وأوجز فأنشأ يقول:
ارى الدنيا تجهّز بانطلاق | مشمّرة على قدم وساق | |
فلا الدنيا بباقية لحيٍ | ولا حيّ على الدنيا بباق | |
كأن الموت والحدثان فيها | الى نفس الفتى فرسا سباق | |
فيا مغرور بالدنيا رويداً | ومنها خذ لنفسك بالوثاق |
ثم رمق الى السماء بعينيه وأشار بكفّيه ودموعه تتحدّر على خدّيه وأشار بقوله:
يا من اليه المبتهل، يا من عليه المتكل، يا من إذا ما آملٌ يرجوه لم يخط الأمل ...