والسلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته. وكتبه إبراهيم بن العبّاس في شهر كذا سنة ثلاث وأربعين ومائتين من الهجرة.
فلمّا وصل الكتاب الى أبي الحسن عليه السّلام تجهز للرحيل وخرج معه يحيى بن هرثمة مولى أميرالمؤمنين ومن معه من الجند حافين به الى أن وصل الى سر من رأى فلمّا وصل اليها تقدّم المتوكّل بأن يحجب عنه فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك وقام فيه يومه.
ثم ان المتوكل افرد له داراً حسنة وأنزله أياماً فأقام أبو الحسن مدة مقامه بسر من رأى مكرماً معظماً مبجلًا في ظاهر الحال، والمتوكل يبتغي له الغوائل في باطن الأمر فلم يقدره اللَّه تعالى عليه» «1».
قال سبط ابن الجوزي: «قال علماء السير: وانّما أشخصه المتوكل من مدينة رسول اللَّه الى بغداد لأنّ المتوكل كان يبغض عليّاً وذريته فبلغه مقام عليّ بالمدينة، وميل الناس اليه فخاف منه فدعا يحيى بن هرثمة، وقال: اذهب الى المدينة وانظر في حاله وأشخصه الينا، قال يحيى: فذهبت الى المدينة فلما دخلتها ضجّ أهلها ضجيجاً عظيماً ما سمع الناس بمثله خوفاً على عليّ وقامت الدنيا على ساق، لأنّه كان محسناً اليهم ملازماً للمسجد لم يكن عنده ميل الى الدنيا، قال يحيى: فجعلت أسكّنهم واحلف لهم أني لم أُومر فيه بمكروه، وأنه لا بأس عليه، ثم فتّشت منزله فلم أجد فيه الّا مصاحف وأدعية وكتب العلم. فعظم في عيني وتوليت خدمته بنفسى، وأحسنت عشرته، فلما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن إبراهيم الطاهري- وكان والياً على بغداد- فقال لي: يا يحيى ان هذا الرجل قد ولده رسول