يقصده باذى، فبلغ أبا الحسن سعايته فكتب الى المتوكل يذكر تحامل عبد اللَّه بن محمّد عليه وقصده له بالأذى، فتقدم المتوكل بالكتابة اليه وأجابه عن كتابه وجعل يعتذر اليه فيه ويلين له القول ودعاه فيه الى الحضور اليه على جميل من القول والفعل. وكانت صورة الكتاب الذي كتبه اليه المتوكّل:
بسم اللَّه الرّحمن الرّحيم، أمّا بعد، ان أميرالمؤمنين عارف بقدرك راعٍ لقرابتك، موجب لحقّك، مؤثر من الأمور فيك وفي أهل بيتك لما فيه صلاح حالك وحالهم، ويثبت عزّك وعزّهم وادخال الأمر عليك وعليهم، يبتغي بذلك رضا اللَّه وأداء ما افترضه عليه فيك وفيهم، وقد رأى أميرالمؤمنين صرف عبد اللَّه بن محمّد عما كان يتولاه من الحرب والصلاة إذ كان على ما ذكرت من جهالته بحقك واستخفافه، ولما رماك به وعزاك اليه من العمل الذي قد علم أميرالمؤمنين براءتك منه، ولما تبيّن له من صدق نيتك وحسن طويّتك، وسلامة صدرك وانك لم تؤهل نفسك بشي ء مما ذكره عنك. وقد ولي أميرالمؤمنين ما كان يليه عبد اللَّه بن محمّد من الحرب والصلاة بمدينة الرسول صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم لمحمّد بن فضل وأمره باكرامك واحترامك وتوقيرك وتجليلك والانتهاء الى امرك ورأيك وعدم مخالفتك والتقرب الى اللَّه تعالى والى أميرالمؤمنين بذلك، وأميرالمؤمنين مشتاق اليك ويحبّ احداث العهد بقربك، والتيمن بالنظر الى ميمون طلعتك المباركة، فان نشطت لزيارته والمقام قبله وفي جهته ما أحببت أحضرت أنت ومن اخترته من أهل بيتك ومواليك وحشمك وخدمك على مهلة وطمأنينة ترحل إذا شئت وتنزل إذا شئت، وتسير كيف شئت، وان أجبت وحسن رأيك أن يكون يحيى بن هرثمة بن أعين مولى أميرالمؤمنين في خدمتك، ومن معه من الجند يرحلون لرحيلك وينزلون لنزولك فالأمر اليك في ذلك، وقد كتبت اليه في طاعتك وجميع ما تحب، فاستخر اللَّه تعالى فما أحد عند أميرالمؤمنين من أهل بيته وولده وخاصة ألطف منزلة ولا أحمد أثره ولا هو أنظر اليهم وأبرّ بهم وأشفق عليهم وأسكن اليهم منك اليه،