باسمه في كل يوم خمس مرات على الصوامع أشهد أن لا اله إلا اللَّه وأن محمّداً رسول اللَّه، فتصل دعوته الى كل برّ وفاجر وعالم وجاهل، مقر ومنكر في شرق الأرض وغربها، ولو جاز أن تكون الحجة من اللَّه على هذا الخلق في غير هذا الجنس لأتى على الطالب المرتاد دهر من عصره لا يجده، ولجاز أن يطلبه في أجناس من هذا الخلق من العجم وغيرهم، ولكان من حيث أراد اللَّه عزّوجل أن يكون صلاح يكون فساد، ولا يجوز هذا في حكمة اللَّه جل جلاله وعدله أن يفرض على الناس فريضة لا توجد، فلما لم يجز ذلك لم يجز أن يكون الّا في هذا الجنس لاتصاله بصاحب الملّة والدعوة، فلم يجز أن يكون من هذا الجنس الّا في هذه القبيلة لقرب نسبها من صاحب الملّة وهي قريش، ولما لم يجز أن يكون من هذا الجنس في هذه القبيلة لم يجز أن يكون من هذه القبيلة الّا في هذا البيت لقرب نسبه من صاحب الملّة والدعوة، ولما كثر أهل هذا البيت وتشاجروا في الإمامة لعلوها وشرفها ادّعاها كل واحد منهم، فلم يجز الّا أن يكون من صاحب الملّة والدعوة اشارة اليه بعينه واسمه ونسبه كيلا يطمع فيها غيره.
واما الأربع التي في نعت نفسه: فان يكون أعلم الناس كلهم بفرائض اللَّه وسننه وأحكامه حتى لا يخفى عليه منها دقيق ولا جليل، وأن يكون معصوماً من الذنوب كلّها، وأن يكون اشجع الناس، وأن يكون أسخى الناس.
فقال عبد اللَّه بن يزيد الأباضي: من أين قلت: انه أعلم الناس؟ قال: لأنه ان لم يكن عالماً بجميع حدود اللَّه وأحكامه وشرائعه وسننه لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود، فمن وجب عليه القطع حدّه ومن وجب عليه الحدّ قطعه، فلا يقيم للَّه عزّوجل حدّاً على ما أمر به فيكون من حيث أراد اللَّه صلاحاً يقع فساداً.
قال: فمن أين قلت: انه معصوم من الذنوب؟ قال: لأنه ان لم يكن معصوماً