ولا قط دعا على أمير المؤمنين ولا على أحد من الناس، ولا يدعو الّا بالمغفرة والرحمة له ولجميع المسلمين، مع ملازمته للصيام والصلاة والعبادة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من أمره وينفذ من يتسلمه مني والّا سرحت سبيله فاني منه في غاية الحرج. وروي أن شخصاً من بعض العيون التي كانت عليه في السجن رفع الى عيسى بن جعفر أنه سمعه يقول في دعائه: اللهم انك تعلم أني كنت اسألك أن تفرغني لعبادتك، اللهم وقد فعلت فلك الحمد.
فلما بلغ الرشيد كتاب عيسى بن جعفر كتب الى السندي بن شاهك أن يتسلم موسى بن جعفر الكاظم من عيسى وأمره فيه بأمره فكان الذي تولى به قتله السندي أن يجعل له سماً في طعام وقدمه اليه، وقيل في رطب، فأكل منه موسى بن جعفر عليه السّلام، ثم أنه اقام موعوكاً ثلاثة أيام ومات. ولما مات موسى بن جعفر عليه السّلام ادخل السندي بن شاهك لعنه اللَّه الفقهاء ووجوه الناس من أهل بغداد وفيهم الهيثم بن عدي وغيره ينظرون اليه أنه ليس به أثر من جراح أو مغل أو خنق وأنه مات حتف أنفه، وقد كان قوم زعموا في أيام موسى الكاظم عليه السّلام أنه هو القائم المنتظر وجعلوا حبسه هو الغيبة المذكورة للقائم، فأمر يحيى بن خالد أن يوضع على الجسر ببغداد وأن ينادى: هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت فانظروا اليه ميتاً، فنظر الناس اليه، ثم انه حمل ودفن في مقابر قريش بباب التبن» «1».
قال ابن الصباغ: «كانت وفاة أبي الحسن موسى الكاظم عليه السّلام لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنة ثلاث وثمانين ومائة، وله من العمر خمس