ولم يقنع بهذه الأفعال الشنيعة من التعذيب والتشريد حتى شرك في دمه وقتله مسموماً بالعنب.
قال أبو بصير: دخلت على أم حميدة أعزّيها بأبي عبد اللَّه عليه السّلام فبكت وبكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمّد لو رأيت أبا عبد اللَّه عند الموت لرأيت عجباً، فتح عينيه ثم قال: اجمعوا لي كل من بيني وبينه قرابة قالت: فلم نترك أحداًجمعناه، قالت: فنظر اليهم، ثم قال: ان شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة «١».
وقالت سالمة مولاة أبي عبد اللَّه عليه السّلام: «كنت عند أبي عبد اللَّه جعفر ابن محمّد حين حضرته الوفاة وأغمي عليه فلما أفاق قال: أعطوا الحسن بن علي ابن علي بن الحسين وهو الأفطس سبعين ديناراً وأعطوا فلاناً كذا وفلاناً كذا فقلت: أتعطي رجلًا حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك؟ قال: تريدين أن لا أكون من الذين قال اللَّه عزّوجل «وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ» «2» نعم يا سالمة ان اللَّه تعالى خلق الجنة فطيّبها وطيب ريحها وان ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحمٍ» «3».
وروى أبو أيوب الخوزي قال: «بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل فدخلت عليه وهو جالس على كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، فلما سلمت عليه رمى الكتاب الي وهو يبكي، وقال: هذا كتاب محمّد بن سليمان يخبرنا أن جعفر بن محمّد قد مات، فانا للَّه وأنا إليه راجعون ثلاثاً، وأين مثل جعفر؟! ثم قال