يحارب الّا من حاربه واراده، وقد كان نزل عليه في ذلك من اللَّه عزّوجل «فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا» «١». فكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم لا يقاتل أحداً قد تنحى عنه واعتزله حتى نزلت عليه سورة البراءة وأمر اللَّه بقتل المشركين من اعتزله، ومن لم يعتزله الّا الذين قد كان عاهدهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله يوم فتح مكة إلى مدة، منهم صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو فقال اللَّه عزّوجل «بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ» ثم يقتلون حيث ما وجدوا. فهذه أشهر السياحة، عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشرة من شهر ربيع الآخر، فلما نزلت الآيات من أول براءة دفعها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم إلى أبي بكر وأمره ان يخرج إلى مكة ويقرأها الى الناس بمنى يوم النحر، فلما خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فقال: يا محمّد لا يؤدي عنك الّا رجل منك، فبعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم أميرالمؤمنين عليه السّلام في طلبه فلحقه بالروحا فأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فقال: يا رسول اللَّه أنزل اللَّه فيّ شيئاً؟ قال: لا، ان اللَّه أمرني ان لا يؤدي عني الّا أنا أو رجل منّي» «٢».
قال العلامة الحلي: «وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ» في مسند أحمد: هو علي عليه السّلام حين أذن بالآيات من سورة برائة حين أنفذها النبي مع أبي بكر، واتبعه بعلي عليه السّلام فردّه ومضى بها علي، وقال النبي صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم قد امرت ان لا يبلغها الّا أنا أو واحد مني «3».