وقال: «وقد كان أصحاب الجمل حملوا على ميمنة علي وميسرته فكشفوها، فاتاه بعض ولد عقيل وعليّ يخفق نعاساً على قربوس سرجه، فقال له:
يا عمّ، قد بلغت ميمنتك وميسرتك حيث ترى وأنت تخفق نعاساً؟ قال: اسكت يا ابن أخي، فان لعمك يوماً لا يعدوه، واللَّه ما يبالي عمك وقع على الموت أو وقع الموت عليه، ثم بعث الى ولده محمّد بن الحنفيّة وكان صاحب رايته: إحمل على القوم فأبطأ محمّد بحملته، وكان بازائه قوم من الرماة ينتظر نفاد سهامهم، فأتاه علي، فقال: هلا حملت فقال: لا أجد متقدماً إلّا على سهم أو سنان، واني منتظر نفاد سهامهم وأحمل، فقال له: احمل بين الأسنة فان للموت عليك جنة فحمل محمّد، فشك بين الرماح والنشاب فوقف، فأتاه علي فضربه بقائم سيفه وقال:
أدركك عرق من أمك، وأخذ الراية وحمل وحمل الناس معه، فما كان القوم الّا كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، واطافت بنو ضبة بالجمل وأقبلوا يرتجزون ويقولون:
نحن بنو ضبة أصحاب الجمل | ننازل الموت إذ الموت نزل | |
ردوا علينا شيخنا ثم بجل | ننعى ابن عفان باطراف الاسل |
والموت أحلى عندنا من العسل
وقطع على خطام الجمل سبعون يداً من بني ضبة منهم سعد بن سود القاضي متقلداً مصحفاً، كلما قطعت يد واحد منهم فصرع قام آخر فأخذ الخطام وقال: أنا