عليه وآله وسلّم لا سلاح عليه، فنادي: يا زبير، أخرج إليّ، فخرج إليه الزبير شاكاً في سلاحه، فقيل ذلك لعائشة، فقالت: واثكلك يا اسماء، فقيل لها: ان علياً حاسر، فاطمأنت، واعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال له علي: ويحك يا زبير ما الذي أخرجك؟ قال: دم عثمان، قال: قتل اللَّه أولانا بدم عثمان، أما تذكر يوم لقيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم في بني بياضة وهو راكب حماره، فضحك إليّ رسول اللَّه، وضحكت إليه وأنت معه، فقلت أنت: يا رسول اللَّه، ما يدع علي زهوه، فقال لك: «ليس به زهو، أتحبه يا زبير»؟ فقلت: اني واللَّه لأحبه، فقال لك: «انك واللَّه ستقاتله وأنت له ظالم»، فقال الزبير: استغفر اللَّه، واللَّه لو ذكرتها ما خرجت، فقال له: يا زبير، ارجع، فقال: وكيف أرجع الآن وقد التقت حلقتا البطان؟ هذا واللَّه العار الذي لا يغسل، فقال: يا زبير أرجع بالعار قبل أن تجمع العار والنار، فرجع الزبير وهو يقول:
اخترت عاراً على نار مؤججة | | ما ان يقوم لها خلق من الطين |
نادى عليٌ بأمر لست أجهله | | عار لعمرك في الدنيا وفي الدين |
فقلت: حسبك من عذل أبا حسن | | فبعض هذا الذي قد قلت يكفيني |
فقال ابنه عبداللَّه: أين تذهب وتدعنا؟ فقال: يا بني اذكرني أبو الحسن بأمر كنت قد أنسيته، فقال: لا واللَّه، ولكنك فررت من سيوف بني عبد المطلب، فانها طوال حداد، تحملها فتية أنجاد قال: لا واللَّه، ولكنّي ذكرت ما أنسانيه الدهر، فاخترت العار على النار، أبالجبن تعيرني لا أبا لك؟ ثم أمال سنانه وشد في الميمنة فقال علي: أفرجوا له فقد هاجوه، ثم رجع فشد في الميسرة ثم رجع فشد في القلب، ثم عاد إلى ابنه فقال: أيفعل هذا جبان؟ ثم مضى منصرفا حتى أتى وادي السباع والأحنف بن قيس معتزل في قومه من بني تميم، فأتاه آتٍ فقال له: هذا الزبير مارّاً،