ابن سعد بن عبادة في عدة من الأنصار وابنائهم وغيرهم من قحطان، ثم مر بنا فارس على فرس أشهل ما رأينا احسن منه، عليه ثياب بيض وعمامة سوداء قد سدَلها من بين يديه بلواء، قلت: من هذا؟ قيل: هو عبداللَّه بن العبّاس في وفده وعدة من اصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، ثم تلاه موكب آخر فيه فارس اشبه الناس بالأولين، قلت: من هذا؟ قيل: عبيداللَّه بن العبّاس، ثم تلاه موكب آخر فيه فارس أشبه الناس بالأولين، قلت: من هذا؟ قيل: قثم بن العبّاس، أو معبد بن العبّاس، ثم اقبلت المواكب والرايات يقدم بعضها بعضاً، واشتبكت الرماح، ثم ورد موكب فيه خلق من الناس عليهم السلاح والحديد مختلفوا الرايات في اوله راية كبيرة يقدمهم رجل كأنما كسر وجبر قال ابن عائشة:
وهذه صفة رجل شديد الساعدين نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى فوق وكذلك تخبر العرب في وصفها إذا أخبرت عن الرجل أنه كسر وجبر كأنما على رؤوسهم الطير، وعن يمينه شاب حسن الوجه وعن يساره شاب حسن الوجه وبين يديه شاب مثلهما قلت: ممن هؤلاء؟ قيل: هذا علي بن أبي طالب، وهذان الحسن والحسين عن يمينه وشماله، وهذا محمّد بن الحنفية بين يديه معه الراية العظمى، وهذا الذي خلفه عبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب، وهؤلاء ولد عقيل وغيرهم من فتيان بني هاشم، وهؤلاء المشايخ هم أهل بلد من المهاجرين والانصار.
فساروا حتى نزلوا الموضع المعروف بالزاوية، فصلى أربع ركعات، وعفر خديه على التراب وقد خالط دموعه، ثم رفع يديه يدعو: اللّهم رب السموات وما اظلّت، والأرضين وما أقلّت ورب العرش العظيم، هذه البصرة أسألك من خيرها، وأعوذ بك من شرها، اللهم انزلنا فيها خير منزل وأنت خير المنزلين، اللهم ان هؤلاء القوم قد خلعوا طاعتي، وبغوا عليَّ ونكثوا بيعتي، اللهم احقن دماء