ترك منكم رجلًا الّا وقد وضع على رأسه تراباً وانطلق لحاجته، أما ترون ما بكم؟
قال: فوضع كلّ رجلٍ منهم يده على رأسه، فاذا عليه تراب، ثمّ جعلوا يطّلعون فيرون عليّاً على الفراش متشحاً ببرد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فيقولون: واللَّه انّ هذا لمحمّد نائم عليه بُرده، فلم يبرحوا كذلك حتّى اصبحوا، فقام علي عن الفراش، قالوا: واللَّه لقد صدقنا الّذي كان حدّثنا فكان ممّا نزل من القرآن في ذلك اليوم وما كانوا أجمعوا له:«وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ» «١» وقول اللَّه عزّوجلّ: «أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ* قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ» «٢» ...
واصبح الرّهط الذين كانوا يرصدون رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فدخلوا الدّار وقام علي عليه السّلام عن فراشه، فلمّا دنوا منه عرفوه فقالوا له: أين صاحبك؟ قال: لا ادري أو رقيباً كنت عليه؟ أمرتموه بالخروج فخرج، فانتهروه وضربوه واخرجوه إلى المسجد، فحبسوه ساعة ثمّ تركوه، ونجّى اللَّه رسوله من مكرهم وأنزل عليه في ذلك: «وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ»» «٣».
وروى ابن عساكر بأسناده عن ابن عبّاس، قال: «بات علي ليلة خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم إلى المشركين على فراشه ليعمي على قريش وفيه نزلت هذه الآية: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ» «4»» «5».