ولكذبت القضايا الكلية، كقولنا: (كل ممكن فله علة)، و (كل أربعة زوج)، و (كل كثير فإنه مؤلف من آحاد)، والضرورة تدفعه. فالحق أن الكلية والجزئية لازمتان لوجود الماهيات، فالكلية لوجودها الذهني والجزئية لوجودها الخارجي.
وكذا ما قيل (1): (إن الماهية الموجودة في الذهن جزئية شخصية، كالماهية الموجودة في الخارج، فإنها موجودة في ذهن خاص قائمة بنفس جزئية.
فالماهية الإنسانية الموجودة في ذهن زيد - مثلا - غير الماهية الإنسانية الموجودة في ذهن عمرو، والموجودة منها في ذهن زيد اليوم غير الموجودة في ذهنه بالأمس، وهكذا). فاسد، فإن الماهية المعقولة من الحيثية المذكورة - أعني كونها قائمة بنفس جزئية ناعتة لها، وكذا كونها كيفية من الكيفيات النفسانية وكمالا لها - هي من الموجودات الخارجية الخارجة من بحثنا، وكلامنا في الماهية بوجودها الذهني الذي لا تترتب عليها فيه آثارها الخارجية، وهي من هذه الجهة لا تأبى الصدق على كثيرين.
ثم إن الأشياء المشتركة في معنى كلي يتميز بعضها من بعض بأحد أمور ثلاثة، فإنها إن اشتركت في عرضي خارج من الذات فقط تميزت بتمام الذات، كالنوعين من مقولتين من المقولات العرضية المشتركين في العرضية، وإن اشتركت في ذاتي فإن كان في بعض الذات، ولا محالة هو الجنس، تميزت ببعض آخر وهو الفصل، كالإنسان والفرس المشتركين في الحيوانية المتميزين بالنطق والصهيل، وإن كان في تمام الذات تميزت بعرضي مفارق، إذ لو كان لازما لم يخل عنه فرد، فلازم النوع لازم لجميع أفراده.
وزاد بعضهم (2) على هذه الأقسام الثلاثة قسما رابعا، وهو: التميز بالتمام