ووجود القسمين - أعني الجوهر والعرض - في الخارج ضروري في الجملة، فمن أنكر وجود الجوهر فقد قال بجوهرية الأعراض من حيث لا يشعر. ومن الأعراض ما لا ريب في عرضيته كالأعراض النسبية.
والجوهر جنس لما يصدق عليه من الماهيات النوعية، مقوم لها، مأخوذ في حدودها (1)، لأن كون الماهيات العرضية مفتقرة في وجودها الخارجي إلى موضوع مستغن عنها يستلزم وجود ماهية هي في ذاتها موضوعة لها مستغنية عنها، وإلا ذهبت سلسلة الافتقار إلى غير النهاية، فلم تتقرر ماهية، وهو ظاهر.
وأما ما استدل (2) به على جنسية الجوهر لما تحته بأن كون وجود الجوهر لا في موضوع وصف واحد مشترك بين الماهيات الجوهرية، حاصل لها على وجه اللزوم مع قطع النظر عن الأمور الخارجة، فلو لم يكن الجوهر جنسا لها، بل كان لازم وجودها وهي ماهيات متباينة بتمام الذات، لزم انتزاع مفهوم واحد من مصاديق كثيرة متباينة بما هي كذلك، وهو محال. فبين هذه الماهيات الكثيرة المتباينة جامع ماهوي واحد لازمه الوجودي كون وجودها لا في الموضوع.
ففيه: أن الوصف المذكور، معنى منتزع من سنخ وجود هذه الماهيات الجوهرية لا من الماهيات، كما أن كون الوجود في الموضوع - وهو وصف واحد لازم للمقولات التسع العرضية -، معنى واحد منتزع من سنخ وجود الأعراض جميعا، فلو استلزم كون الوصف المنتزع من الجواهر معنى واحدا جامعا ماهويا واحدا في الماهيات الجوهرية لاستلزم كون الوصف المنتزع من المقولات العرضية معنى واحدا جامعا ماهويا واحدا في المقولات العرضية هو جنس لها، وانتهت الماهيات إلى مقولتين هما الجوهر والعرض.
فالمعول في إثبات جنسية الجوهر لما تحته من الماهيات على ما تقدم من أن