أطراف الترديد فيها الموجودية العامة، كقولنا: (كل موجود إما بالفعل أو بالقوة).
فأكثر المسائل في الفلسفة جارية على التقسيم، كتقسيم الموجود إلى واجب وممكن، وتقسيم الممكن إلى جوهر وعرض، وتقسيم الجوهر إلى مجرد ومادي، وتقسيم المجرد إلى عقل ونفس، وعلى هذا القياس.
وثالثا: أن المسائل فيها مسوقة على طريق عكس الحمل، فقولنا: (الواجب موجود والممكن موجود) في معنى: (الوجود يكون واجبا ويكون ممكنا)، وقولنا: (الوجوب إما بالذات وإما بالغير) معناه: (أن الموجود الواجب ينقسم إلى واجب لذاته وواجب لغيره).
ورابعا: أن هذا الفن لما كان أعم الفنون موضوعا ولا يشذ عن موضوعه ومحمولاتها الراجعة إليه شئ من الأشياء، لم يتصور هناك غاية خارجة منه يقصد الفن لأجلها. فالمعرفة بالفلسفة مقصودة لذاتها من غير أن تقصد لأجل غيرها وتكون آلة للتوصل بها إلى أمر آخر كالفنون الآلية، نعم هناك فوائد تترتب عليها.
وخامسا: أن كون موضوعها أعم الأشياء يوجب أن لا يكون معلولا لشئ خارج منه، إذ لا خارج هناك، فلا علة له. فالبراهين المستعملة فيها ليست ببراهين لمية. وأما برهان الإن فقد تحقق في كتاب البرهان من المنطق أن السلوك من المعلول إلى العلة لا يفيد يقينا، فلا يبقى للبحث الفلسفي إلا برهان الإن الذي يعتمد فيه على الملازمات العامة، فيسلك فيه من أحد المتلازمين العامين إلى الآخر.