(الإنسان نوع) و (الحيوان جنس). ومنها ما له مطابق يطابقه لكنه غير موجود في الخارج ولا في الذهن، كما في قولنا: (عدم العلة علة لعدم المعلول) و (العدم باطل الذات)، إذ العدم لا تحقق له في خارج ولا في ذهن، ولا لأحكامه وآثاره.
وهذا النوع من القضايا تعتبر مطابقته لنفس الأمر، فإن العقل إذا صدق كون وجود العلة علة لوجود المعلول اضطر إلى تصديق أنه ينتفي إذا انتفت علته وهو كون عدمها علة لعدمه، ولا مصداق محقق للعدم في خارج ولا في ذهن، إذ كل ما حل في واحد منهما فله وجود.
والذي ينبغي أن يقال بالنظر إلى الأبحاث السابقة أن الأصيل هو الوجود الحقيقي، وهو الوجود وله كل حكم حقيقي. ثم لما كانت الماهيات ظهورات الوجود للأذهان توسع العقل توسعا اضطراريا باعتبار الوجود لها وحمله عليها، وصار مفهوم الوجود والثبوت يحمل على الوجود والماهية وأحكامهما جميعا. ثم توسع العقل توسعا اضطراريا ثانيا بحمل مطلق الثبوت والتحقق على كل مفهوم يضطر إلى اعتباره بتبع الوجود أو الماهية كمفهوم العدم والماهية والقوة والفعل ثم التصديق بأحكامها.
فالظرف الذي يفرضه العقل لمطلق الثبوت والتحقق - بهذا المعنى الأخير - هو الذي نسميه (نفس الأمر) ويسع الصوادق من القضايا الذهنية والخارجية وما يصدقه العقل ولا مطابق له في ذهن أو خارج، غير أن الأمور النفس الأمرية لوازم عقلية للماهيات متقررة بتقررها. وللكلام تتمة ستمر بك إن شاء الله تعالى (1).
وقيل (2): المراد بالأمر في نفس الأمر عالم الأمر، وهو عقل كلي فيه صور المعقولات جميعا. والمراد بمطابقة القضية لنفس الأمر مطابقتها لما عنده من الصورة المعقولة