وطبيعته يدرك بتلك القوة بعينها السبب الموذي الحار أيضا فيكون هناك ادراكان ادراك امر عدمي على نحو ادراك سائر الأمور العدمية وادراك امر وجودي على نحو ادراك سائر الأمور الوجودية وهذا المدرك الوجودي ليس شرا في نفسه بل بالقياس إلى هذا الشئ واما المدرك الاخر من عدم الكمال وزوال الاتصال فهو شر في نفسه وليس شرا بالقياس اليه فقط حتى يتصور له وجود ليس يكون بحسبه شرا بل وليس نفس وجوده الا شرا فيه وعلى نحو كونه شرا فان العمى لا يجوز ان يكون الا في العين ومن حيث هو في العين لا يجوز ان يكون الا شرا وليس له جهة أخرى يكون بها غير شر بخلاف ذلك الامر الوجودي المضر المؤلم فان الحرارة المؤذية أو الخلط اللذاع أو السم القاتل يتصور لها نحو آخر من الوجود لا تكون بحسبه شرا بل خيرا.
والقسم الثاني ما كان غير مواصل للمضرر به كالسحاب المظل المانع لاشراق الشمس على المحتاج اليه في استكماله بالتسخين وكالبرد المفسد للثمار (1) والمطر المانع عن تبيض الثياب فإن كان المفتقر إلى الاستكمال دراكا أدرك فقد كماله وعدم انتفاعه ولكن لم يدرك من حيث إنه يدرك لذاك ان السحاب قد حجب أو المطر قد منع أو البرد قد افسد ثماره بل من حيث إنه مدرك بقوة أخرى كالبصر أو غيره فان المفتقر إلى التسخن بشعاع الشمس مثلا مزاج بدنه بقوة اللمسية وهي بالحقيقة عادته للكمال اللمسي وفاقده للسلامة والاعتدال المزاجيين وهي أيضا مدركه لهذا الشر الحقيقي الذي هو العدم والفقدان واما المدرك للمزيل المانع كالسحاب