الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٩
فلا يلزم من صحه هذا اجتماع الاعدام في الأزل فان معنى كون الشئ أزليا (1) كونه غير مسبوق بالغير مطلقا وإذا كان كذلك فلا يلزم من عدم السبق بحادث معين عدم السبق بحادث أصلا لما عرفت انه لا يلزم من انتفاء الأخص انتفاء الأعم.
(1) وأيضا الأزل معنى سلبي اي ما يجرى مجرى الوعاء الذي لا أول له والأزلي هو الموجود فيما لا أول له أو الواقع فيه فلا منافاة بين كون وجود ما أزليا وعدمه أيضا أزليا إذ يصدق ان كليهما فيما لا أول له وهاهنا جواب آخر يظهر منه عدم اجتماع الاعدام في الأزل و هو ان الأزل ليس وقتا موقوتا أو آنا معينا لا يسع الأزليات وإذا صار وعاء للاعدام لا يتطرق مقابلها بل لا يكون أقل من الزمان الماضي فإنه إذا قيل كان نوح في الماضي لم يناف ان يكون عدمه أيضا في الماضي فإذا كان الأزل وسيعا أمكن ان يكون فيه الشئ ورفعه بان يكون هذا في مرتبه منه وذاك في مرتبه أخرى منه.
وإذا شئت التفصيل فنقول ما ذكرنا من معنى الأزل والأزلي بناؤه على ما هو المشهور من المتكلمين والتحقيق ان الأزلي ما هو الواقع في مبدء السلسلة الطولية النزولية بحسب تنزل البواطن من غيب الغيوب إلى عالم الشهادة والظهور والأبدي ما هو الواقع في منتهى السلسلة الطولية العروجية بحسب ترقى الظواهر إلى البواطن وباطن الباطن.
وأيضا معنى آخر اشمخ الأزلي هو حقيقة الوجود ساقطه الإضافة عن التعينات في كل العوالم الجبروتية والملكوتية والناسوتية أولا قبل التجلي عليها والأبدي هو هي ساقطه الإضافة عنها آخرا عند الطمس الصرف والمحق المحض للتعينات بتجلي الواحد القهار عليها.
إذا عرفت هذا علمت أن لا منافاة بين كون الاعدام في الأزل والأكوان في الماضيات غير منقطعة كما سيعدم الكل في الأبد والأكوان في المستقبل غير متناهية وذلك لان عدمها برجوعها إلى الله تعالى في السلسلة الطولية فالمبدء يطلب من مبادئ السلسلة النزولية والمعاد يترقب من بواطن السلسلة الصعودية فإنه غاية الغايات والغايات يتحول إليها بالترقيات الطولية اي التوجه إلى العوالم الغيبية فالمترقيات غير المتناهية في السلسلة العرضية في أزمنة غير متناهية بتحولات غير متناهية لها وصولات غير متناهية إلى غايات بإضافات غير متناهية ولكن تتناهى جميعا طولا إلى الله غاية الغايات ومنتهى الطلبات ان إلى ربك الرجعى واليه المنتهى س قده.