الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٣٠٤
واما ما ذكره بعض المتكلمين من أن الحكماء يقولون إن صدور هذا العالم عن الواجب لذاته في وقت مخصوص ليس أولى من صدوره في وقت آخر غيره قبله أو بعده فلا يوجد في ذلك الوقت المخصوص فلم يصب (1) في هذا النقل عنهم فان الحكماء متفقون على أن الواجب تعالى متقدم على جميع الممكنات تقدما ذاتيا والوقت المذكور من جمله الممكنات فإنه مقدار حركة الدورية الفلكية عندهم وعندنا مقدار الوجود الطبيعي المتجدد بنفسه فلا يتقدم على جميع الممكنات وكذا حركة وموضوعها والا لزم ان يتقدم الشئ على نفسه وهو محال هذا ما قيل وستسمع منا كلاما في تقدم الباري تعالى على جميع الممكنات تقدما زمانيا.
تذكره وتسجيل ولا يمكن لاحد ان يقول إن الإرادة القديمة (2) أوجبت وجود العالم في الوقت الذي أوجده فيه وقبل ذلك الوقت لم يكن الإرادة القديمة موجبه لوجوده كما انا إذا أردنا ان نفعل فعلا مخصوصا بعد سنه فان الإرادة الموجودة الان يقتضى وجود ذلك المراد بعد سنه ولا يقتضى وجوده في الحال فان هذا أيضا محال فإنه ليس قبل جميع الممكنات شئ يوجب (3) حصول المراد كالحال في المراد الذي

(1) انما قال ذلك لان مطالب الحكمة لا بد أن تكون برهانية والظاهر أن الحكماء الذين قالوا هكذا كانوا في مقام المجادلة وبنوا على قول المتكلم س قده (2) وهذا قولهم ان الله تعالى أراد فيما لم يزل وجود العالم فيما لا يزال وقد تخيل صاحب هذا القول الزمان خارجا عن سلسله الممكنات وتوهمه بعدا متصرما لا نهاية له من جهتي أوله وآخره أعني الأزل والأبد ووجوده تعالى منطبق عليه أزلا وابدا وقد أراد تعالى وهو في الأزل وجود العالم فيما لا يزال وهو جانب الأبد واعتراض المصنف ره عليه من قبيل المنع مع السند وسنده ان الزمان مقدار حركة وهي حركة الطبيعة الكلية عنده وحركة الفلك المحدد عند غيره وأيا ما كان فهو ممكن وقد فرض ارتفاع الممكنات فليس هناك الا العدم البحت فلا معنى لفرض زمان متميز الاجزاء هناك حتى تفرض اراده وجود العالم منطبقا على بعض اجزائه دون بعض ط مد ظله (3) الظاهر يؤخر أو يعقب وأيضا إرادتنا مشوبة بالقوة بخلاف ارادته تعالى س قده.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست