أقول وكان الشيخ لم يظفر بالبرهان الذي أشرنا اليه في بيان هذا المطلب حيث اكتفى في بيانه بالاستقراء ثم قال إن العقل الفعال يقبل التجلي بغير توسط وهو بادراكه لذاته (1) ولسائر المعقولات فيه عن ذاته بالفعل والثبات وذلك أن الأشياء التي تتصور المعقولات بلا رؤية ولا استعانه بحس أو تخيل انما تعقل الأمور المتأخرة بالمتقدمة والمعلولات بالعلل والردية بالشريفة ثم يناله النفوس الإلهية بلا توسط أيضا عند النيل (2) وإن كان بتوسط اعانه العقل الفعال عند الاخراج من القوة إلى الفعل واعطائه القوة على التصور والامساك للمتصور والطمأنينة اليه ثم ينالها القوة الحيوانية ثم النباتية ثم الطبيعية وكل واحده مما يناله يشوقه ما ناله منه إلى التشبه به بغايته فان الاجرام الطبيعية انما يتحرك حركاتها الطبيعية تشبها به في غايتها وهي البقاء على بعض الأحوال أعني عند حصولها في المواضع الطبيعية وان لم تتشبه به في مبادي هذه الغاية وهي حركة وكذلك الجواهر الحيوانية والنباتية انما تفعل أفاعيلها الخاصة بها تشبها به في غاياتها وهو ابقاء نوع أو شخص أو اظهار قوه ومقدره وما ضاهاها وان لم يتشبه به في مبادي هذه الغايات كالجماع وكالتغذي وكذلك النفوس البشرية انما تفعل أفاعيلها العقلية
(١٦٢)