واعلم أن العشق اقسام والمحبة متشعبه والمحبوبات كثيره لا تحصى حسب تكثر الأنواع والأشخاص.
فمن أنواع المحبة محبه النفوس الحيوانية للنكاح والسفاد لما فيه من حكمه بقاء النسل وحفظ النوع.
ومنها محبه الرؤساء للرياسات وحرصهم على طلبها ومراعاتهم لرسومها ومحافظتهم عليها كأنها شئ مجبول في طباعهم مركوز في نفوسهم والحكمة فيها طلب الاستعلاء (1) للنفس على قواها التي تحت تسخيرها فان الأفعال الاختيارية بمنزله تقليد الافعال الطبيعية والفاعل بالصناعة يحتذى في صنعته للفاعل بالغريزة ولهذا قيل الصنعة تشبه بالطبيعة فلو لم يكن محبه العلو والرفعة مرتكزه في جبله النفوس لما أحب أكثر الناس كونه رئيسا مطاعا في قومه ولما كان شديد الحرص في ذلك.
ومنها محبه التجار والمتمولين لكسب المال وحرصهم على الجمع والادخار وحفظ النقود والأمتعة واختزانها كأنه شئ مجبول في طبائعهم مركوز في نفوسهم لما فيه من الصلاح لغيرهم ومن يأتي بعدهم.
ومنها محبه العلماء والحكماء لاستخراج العلوم وتدوينها في الكتب ونشرها والبحث عن غوامضها وكشف اسرارها وتعليمها للمتعلمين واظهارها على المستعدين كأنه شئ مجبول في طباعهم مركوز في نفوسهم لما فيه من احياء النفوس (2) وبعثها