من موت الجهالة وقبر الطبيعة وتنبيهها من رقدة الغفلة ونوم النسيان.
ومنها محبه الصناع في اظهار صنائعهم وحرصهم على تتميمها وشوقهم إلى تحسينها وتزيينها كأنه شئ غريزي لهم لما فيه من مصلحة الخلق وانتظام أحوالهم.
واعلم أن النفوس كلما كانت اشرف وأعلى كانت محبوباتها ومرغوباتها الطف وأصفى وأزين وأبهى والذي ينبهك على هذا الامر ان القوى النباتية رؤوسها ثلاثة أحدها قوه التغذية والثاني قوه التنمية والثالث قوه التوليد فكذلك العشق الخاص بالقوى النباتية على اقسام ثلاثة (1) أحدها يختص بالقوة المغذية وهو مبدء شوقها إلى حضور الغذاء عند حاجه المادة اليه وبقائه في المتغذى بعد استحالته إلى طبيعته والثاني يختص بالقوة المنمية وهو مبدء شوقها إلى تحصيل الزيادة الطبيعية المتناسبة في أقطار المغتذى والثالث يختص بالقوة المولدة وهو مبدء شوقها إلى تهيئه مبدء الكائن مثل الذي هو فيه من نوعه.
ومن البين ان هذه الأفاعيل الصادرة عن قوى النفس النباتية ليست صادره عن مجرد اتفاق أو جزاف بل هي لغايات وأغراض ملائمة لها وخيرات موافقه لطبائعها وكل من تأمل فيها يعلم أنها صادره عن ميول وقصود فيها فهي اذن عاشقه لتلك الغايات وهي متممه لمباديها ومكمله لها ومخرجه إياها عن النقص إلى الكمال وعن القوة إلى الفعل.
ثم إذا نظرت إلى قوى الحيوان الذي نفسه اشرف من نفس النبات وجدتها تصدر عن بعض قواها الشهوانية وهي الثلاث النباتية من قوه التغذية وقوه التنمية وقوه التوليد ما يصدر عن تلك القوى الثلث التي تكون في النبات لكن على وجه الطف وأبهى وذلك لان القوة الشهوانية الحيوانية اظهر الموجودات عند الجمهور عشقا وشوقا وليس معشوق هذه القوة في عامه الحيوان ما سوى الناطق الا معشوق القوى النباتية بعينها الا ان عشق القوة