الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١٦٦
النباتية لا يصدر عنها الأفاعيل الا بنوع طبيعي وبنوع أدنى وأدون واما عشق القوة الحيوانية فإنما يصدر عنه الاكل والجماع والتوليد على نحو الإرادة والاختيار وبنوع أعلى (1) والطف ومأخذ أحسن وأفضل ولذة أتم وشوق أكمل وباستعمال من الحس واعانه من التخيل ولا شبهه في أن فعل التخيل أفضل من فعل الحس وفعل الحس أفضل من فعل الطبيعة فان قوه الخيال ينال صوره ما يعشقه مجرده عن هذا العالم الظلماني صافيه عن كدوراتها آمنه عن الفساد والعدم ما دام يحفظها الخيال ويلتفت إليها فإذا ذهلت عنها بسبب شاغل من خارج أو داخل غابت وزالت لا على نحو الفساد وكذا قوه الحس تنال صوره المحسوسة المعشوقة لها منتزعه عن المادة الا انه يشترط فيها حضور المادة بوضعها واما الطبيعة فلكونها مستغرقة في بحر الهيولى لا يمكنها تجريد معشوقها عن المادة بوجه من الوجوه واحضاره عند ذاتها الا مخلوطه بالأغشية الظلمانية والاعدام الهيولانية المغرقة لذاتها ولذات ما يناله من الأغذية وغيرها.
ثم الحيوان غير الناطق وان كانت أفاعيله أفضل وأحسن من أفاعيل النبات و معشوقاته أنور وأشرف من معشوقات النبات مع كونها مشتركه بينهما فيما يتعلق بالشهوة دون الغضب كما علمت الا انه لانحطاط رتبته عن رتبه الحيوان العاقل وعدم فوزه بالقوة النطقية التي يقع بها الاطلاع على الأمور الكلية والغايات العقلية لا يسعد بادراك الغرض العقلي والخير الحقيقي والغاية الكلية في فعل من الافعال بل شوقه مقصور على نيل الأمور الجزئية واللذات الفانية فلذلك صارت فيه قوته الشهوانية مشاكله للقوة النباتية في اقتصاره على هذه الغرض الشخصي والعشق الجزئي.

(1) إلى قوله واعانه من التخيل انما صار عشق الحيوان أعلى والطف من عشق النبات لمكان القوة النزوعية في الحيوان فصارت الثلاث فيه مشفوعه بالنزوع والشوق فصار عشقها الطف وألذ وباستعمال الحس والتخيل صار النيل والوصال في الحيوان أوفر إذ مره ينال معشوقه بوجوده الطبيعي ومره بوجوده المحسوس بالذات ومره بوجوده المتخيل بالذات والألطف من الأول س قده.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست