الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١٧٣
والاشعار اللطيفة الموزونة والنغمات الطيبة وتعليمهم القصص والاخبار والحكايات الغريبة والأحاديث المروية إلى غير ذلك من الكمالات النفسانية فان الأطفال والصبيان إذا استغنوا عن تربيه الاباء والأمهات فهم بعد محتاجون إلى تعليم الاستادين والمعلمين وحسن توجههم والتفاتهم إليهم بنظر الاشفاق والتعطف فمن أحل ذلك أوجدت العناية الربانية في نفوس الرجال البالغين رغبه في الصبيان وتعشقا ومحبه للغلمان الحسان الوجوه ليكون ذلك داعيا لهم إلى تأديبهم وتهذيبهم وتكميل نفوسهم الناقصة وتبليغهم إلى الغايات المقصودة في ايجاد نفوسهم والا لما خلق الله هذه الرغبة والمحبة في أكثر الظرفاء والعلماء عبثا وهباء فلا بد في ارتكاز هذا العشق النفساني في النفوس اللطيفة والقلوب الرقيقة غير القاسية ولا الجافية من فائدة حكمية وغاية صحيحه.
ونحن نشاهد ترتب هذه الغايات التي ذكرناها فلا محاله يكون وجود هذا العشق في الانسان معدودا من جمله الفضائل والمحسنات لا من جمله الرذائل والسيئات و لعمري ان هذا العشق يترك النفس فارغة عن جميع الهموم الدنياوية الا هم واحد فمن حيث يجعل الهموم هما واحدا هو الاشتياق إلى رؤية جمال انساني فيه كثر من آثار جمال الله وجلاله حيث أشار اليه بقوله لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم وقوله ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين سواء كان المراد من الخلق الاخر الصور الظاهرة الكاملة أو النفس الناطقة لأن الظاهر عنوان الباطن والصورة مثال الحقيقة والبدن بما فيه مطابق للنفس وصفاتها والمجاز قنطرة الحقيقة.
ولاجل ذلك هذا العشق النفساني للشخص الانساني إذا لم يكن مبدأه افراط الشهوة الحيوانية بل استحسان شمائل المعشوق وجوده تركيبه واعتدال مزاجه وحسن أخلاقه وتناسب حركاته وافعاله وغنجه ودلاله معدود من جمله الفضائل و هو يرقق القلب ويذكى الذهن وينبه النفس على ادراك الأمور الشريفة ولاجل ذلك امر المشائخ مريديهم (1) في الابتداء بالعشق وقيل العشق العفيف أو في سبب في

(1) إذ لا يرون سببا أقوى في انتزاع يد النفس عن مشتهيات عالم الكون الطبيعي بعد الجذبة أو بعد الرياضات الشرعية من هذا العشق ولهذا قال الشيخ فريد الدين العطار الذي هو عشق محض بحيث قال بعض العرفاء ايماء إلى وجوده العشق خراساني ذره عشق از همه آفاق به * ذره درد از همه عشاق به قدسيانرا عشق هست ودرد نيست * درد را جز آدمي در خورد نيست ان قلت المشائخ يلتزمون التوفيق بين أوضاع الشريعة والطريقة والمحققون منهم في هذا الجمع متوغلون وبهذا الأصل الشامخ متصلبون وهذا الامر كيف يوافق الشريعة المطهرة قلت لعلهم وجدوا رخصه من رموزها ودقائقها ولعلهم جوزوا اجتماع الامر والنهى كما جوزه كثير من المتشرعة فالخروج من الدار المغضوبة مأمور به ومنهى عنه لان هذا الخروج بعينه تصرف في مال الغير بدون اذنه واخراج الزاني حشفته من فرج المرأة مأمور به ومنهى عنه نظير ما مر فشئ واحد مبغوض ومطلوب للشارع المقدس من جهتين وبسطه موكول إلى موضعه والله تعالى هو العالم بالاسرار س قده.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في تحصيل مفهوم التكلم 2
2 في تحصيل الغرض من الكلام 5
3 تمثيل 7
4 استشهاد تأييد 8
5 في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة 10
6 في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب 13
7 في مبدء الكلام والكتاب وغايتهما 14
8 في فائدة انزال الكتب وارسال الرسل إلى الخلق 19
9 في كيفية انزال الكلام وهبوط الوحي من عند الله بواسطة الملك على قلب النبي وفؤاده ثم إلى خلق الله وعباده لبروزه من الكتب إلى الشهادة 22
10 إنارة قبيلته وإشارة نورية 26
11 في كشف النقاب عن وجه الكتاب ورفع الحجاب عن سر الكلام وروحه لأولى الألباب 30
12 في تحقيق كلام أمير المؤمنين وامام الموحد على (ع) كما ورد ان جميع القرآن في باء بسم الله وانا نقطة تحت الباء 32
13 في بيان الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق 34
14 في تحقيق قول النبي (ص) ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا 36
15 تذكرة تمثيلية 39
16 في توضيح ما ذكرناه وتبيين ما أجملناه من كون معرفة لب الكتاب مختصة باهل الله من ذوي البصائر والألباب 40
17 رمز قرآني وتلويح كلامي 40
18 اشعار تنبيهي 43
19 في نعت القرآن بلسان الرمز والإشارة 44
20 تنبيه واشعار 45
21 في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها 47
22 في ذكر ألقاب القرآن ونعوته 50
23 الموقف الثامن في العناية الإلهية الرحمة الواسعة لكل شئ وكيفية دخول الشر والضر في المقدورات الكائنة بحسب القضاء الإلهي والتقدير الرباني وفيه فصول 55
24 في القول في العناية 55
25 في مباحث الخير والشر 58
26 شك وتحقيق 62
27 في اقسام الاحتمالات التي للموجود من جهة الخير والشر 68
28 في ان جميع أنواع الشرور من القسم المذكور لا توجد الا... 70
29 في كيفية دخول الشرور في القضاء الإلهي 72
30 في دفع أوهام وقعت للناس في مسئلة الخير والشر 78
31 في ان وقوع ما يعده الجمهور شرورا في هذا العالم قد تعلقت به... 91
32 في بيان كيفية أنواع الخيرات والشرور الإضافية 94
33 حكمة أخرى 101
34 في ان العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود... 106
35 في بيان ان كل مرتبة من مراتب مجعولاته أفضل ما يمكن وأشرف... 108
36 في نبذ من آثار حكمته (تعالى) وعنايته في خلق السماوات والأرض 118
37 في ذكرا نموزج من آثار عنايته في خلق المركبات 124
38 في آيات حكمته وعنايته في خلق الانسان 127
39 في عنايته تعالى في خلق الأرض وما عليها لينفع بها الانسان... 134
40 في بدائع صنع الله في الاحرام الفلكية والأنوار الكوكبية 139
41 في اثبات ان جمعي الموجودات عاشقة لله سبحانه مشتاقة إلى لقائه 148
42 في بيان طريق آخر في سريان معنى العشق في كل الأشياء 158
43 في بيان ان المعشوق الحقيق لجميع الموجودات وان كان شيئا واحدا... 160
44 في التنبيه على اثبات الصور المفارقة التي هي مثل الأصنام الحيوانية 169
45 في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان 171
46 في ان تفاوت المعشوقات لتفاوت الوجودات 179
47 في اختلاف الناس في المحبوبات 184
48 في الإشارة إلى المحبة الإلهية المختصة بالعرفاء الكاملين... 188
49 الموقف التاسع في تمهيد أصول يحتاج إلى معرفتها في تحقيق وأول الهويات... 192
50 في ان أول ما يصدر عن الحق يجب ا ن يكون أمرا واحدا 204
51 في سياقة أخرى من الكلام لتبين هذا المرام أورده (بهمنيار) 207
52 وهناك مساق آخر في البرهان على هذا الأصل افاده الشيخ الرئيس... 209
53 في ذكر شكوك أوردت على هذه القاعدة والإشارة إلى دفعها 211
54 وهم وتنوير 219
55 في قاعدة امكان الأشرف الموروثة من الفيلسوف الأول مما يتشعب 244
56 اشكال فكري وانحلال نوري 254
57 تبصرة مشرقية 257
58 في نتيجة ما قدمناه من الأصول وثمرة ما أصلناه في هذه الفصول 258
59 تبصرة تفصيلة 262
60 تكميل انحلالي لشك اعضالي 276
61 الموقف العاشر في الإشارة إلى شرف هذه المسئلة وان دوام الفيض والجود لا ينافي... 282
62 في بيان حدوث الأجسام بالبرهان من مأخذ آخر مشرقي غير ما سلف 297
63 في ذكر ملفقات المتكلمين ونبذ من آرائهم وأبحاثهم في هذه المسئلة 298
64 في بعض احتجاجات المتكلمين وأرباب الملل وانقطاع الفيض 300
65 في طريق التوفيق بين الشريعة والحكمة في دوام فيض الباري وحدوث العالم 326