العضلات والأوتار والأعصاب إلى الأوردة ومنها إلى الأرواح الدماغية ومنها إلى الروح النفساني ومنه إلى معدن التخيل ومنه إلى القوة النفسانية ثم إلى العقل النظري وما بعده على وجه الأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى كالأول على وجه الأخس فالأخس والأدنى فالأدنى فهذا الترتيب الصعودي على عكس النزولي فكأنهما قوسان بداية الأولى بعينها نهاية الثانية كما بدانا أول خلق نعيده فإذا علمت هذا المثال فقس عليه حال مبدء كلام الله وكتابه فانظر بعين المكاشفة إلى هذا المقام لان ذلك من عجائب سر الادمى. (1) واعلم أن حقائق آيات الله وبدائع حكمته وجوده ورحمته ثابته أولا في علم الله وغيب غيوبه على وجه لا يعلمها الا هو ثم في قلم قدرته على وجه بسيط مقدس عن الكثرة والتفصيل وهي أيضا مسطوره في اللوح المحفوظ بل في عقول الملائكة المقربين ثم ترتسم منها في نفوس الملائكة المدبرين ثم تنتسخ منها في الكتب والألواح السماوية القابلة للمحو والاثبات وهكذا إلى سماء الدنيا ثم تنزل من السماء إلى الأرض نجوما بحسب المصالح والأوقات وهذا كما أن المتكلم يتفكر أولا ويخطر بباله ويحضر في خياله صوره ما يريد ان يتكلم به ويظهره ثم يخرجه من حد الضمير بل حدود الضمائر المتفاوتة والغيوب المترتبة إلى حد الخارج وعالم الشهادة فكذلك صوره حكمه الله تعالى واظهار ما في مكامن علمه ومفاتيح غيبه وخزائن رحمته إذا خرجت من عالم الغيب إلى عالم الشهادة حتى نزلت إلى غاية النزول ونهاية تدبير الامر كما قال تعالى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى وقال يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم يعرج اليه فعند ذلك أوان الشروع في الصعود والعروج اليه كما في قوله تعالى اليه يصعد الكلم الطيب (2) والعمل الصالح يرفعه وقوله ان كل من في السماوات
(١٦)